من الطبيعي أن يحلم العديد من الأشخاص بالسفر إلى الدول الأوروبية أو الأمريكية، خاصةً الشباب الذين ينجذبون إلى ما يسمعونه عن التقدم التكنولوجي والحياة المعيشية الرفيعة في هذه الدول. ومن أكثر الأمور التي يُشَاد بها هي النظافة العامة، خاصة في الشوارع. ومع ذلك، قد يصاب المسافرون بصدمة كبيرة عند وصولهم إلى هناك عندما يلاحظون غياب الشطاف في الحمامات العامة. هذا الأمر الذي يختلف تمامًا عن عاداتنا في الوطن العربي، حيث يُعتبر الشطاف جزءًا أساسيًا من النظافة الشخصية. فمن أين جاء هذا الاختلاف؟ وما السبب وراء غياب هذه الأجهزة في الدول الغربية؟
لقد تفاجأ العديد من المسافرين من هذا الاختلاف، إذ أظهروا دهشتهم وتساؤلاتهم حول السبب وراء عدم وجود الشطاف في الحمامات الأوروبية والأمريكية، واكتشفوا بعض الأسباب التي تفسر هذه الظاهرة.
أحد الأسباب يعود إلى العادات الثقافية التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية. فقد لاحظ الجنود الأمريكيون في فرنسا استخدام الشطاف في بيوت الدعارة، وهو ما جعلهم يربطونه بالفواحش. ومنذ ذلك الوقت، بدأ الأمريكيون في تجنب هذه الأدوات اعتقادًا منهم بأنها مرتبطة بممارسات غير لائقة. كما أن الحرب العالمية الثانية جعلت العديد من الأمريكيين يتجنبون استخدام الأجهزة التي اخترعتها دول مثل إنجلترا أو فرنسا، وفضلوا البحث عن طرق أكثر توافقًا مع ثقافتهم.
جانب آخر من القصة يتعلق بالمساحة الصغيرة التي تتمتع بها الحمامات في بعض الدول الغربية، مما يجعل من الصعب تركيب جهاز شطاف. إضافة إلى ذلك، يعتبر بعض الأمريكيين أن فكرة الشطاف تأتي من الثقافة الفرنسية، وهو ما يعزز مقاومة بعضهم لهذه العادة.
أما عن الشركات المصنعة لمنتجات الحمام، فقد لعبت دورًا هامًا في انتشار هذه الظاهرة. فقد روجت بعض هذه الشركات لفكرة أن استخدام الشطاف قد يكون ضارًا بالصحة وأنه يمكن أن ينقل الجراثيم، مستبدلين الشطاف بمناديل التواليت. هذا التسويق الذكي جعل من العادة الجديدة أمرًا مقبولًا في العديد من البلدان الغربية.
لكن استخدام المناديل الورقية بدلاً من الشطاف قد يحمل بعض الأضرار الصحية، وهو ما أكده العديد من الأطباء. إذ أن المناديل الورقية لا تضمن تنظيفًا كافيًا وقد تؤدي إلى مشاكل صحية مثل الشقوق الشرجية أو التهابات المسالك البولية، وهي مشاكل يمكن تجنبها باستخدام الشطاف الذي يعد أكثر فعالية في الحفاظ على النظافة الشخصية.
إذن، ما سبب غياب الشطاف في الغرب؟ هو خليط من العوامل الثقافية والتاريخية والممارسات التجارية التي تساهم في الحفاظ على هذه العادة. ولكن من الجدير بالذكر أن الوعي الصحي حول أهمية النظافة الشخصية قد يساهم في تغير هذه العادات في المستقبل