عندما تواجه موقفًا خطيرًا أو مثيرًا للرعب، هل شعرت يومًا بأن الوقت يمر ببطء؟ قد يبدو لك أن الأحداث تستغرق وقتًا أطول مما هي عليه في الواقع. هذه الظاهرة ليست مجرد وهم، بل هي نتيجة لتغيرات في طريقة عمل الدماغ أثناء الشعور بالخوف. فما الذي يحدث بالضبط؟ وكيف يتمكن العقل البشري من “إبطاء الزمن” عندما يكون تحت ضغط؟
كيف يدرك الدماغ الزمن؟
إدراك الوقت هو عملية عقلية معقدة يتحكم فيها الدماغ، وتحديدًا منطقة تُعرف باسم “القشرة الجبهية الأمامية” بالإضافة إلى “الجهاز الحوفي” المسؤول عن معالجة المشاعر والخوف. في المواقف العادية، يقوم الدماغ بترتيب الأحداث وتنظيمها في تسلسل زمني محدد، مما يجعلنا نشعر بمرور الوقت بشكل طبيعي.
ماذا يحدث أثناء الخوف؟
عندما يواجه الإنسان موقفًا خطرًا، مثل حادث سيارة أو التعرض لهجوم مفاجئ، يدخل الجسم في حالة طوارئ تُعرف باسم “استجابة الكر أو الفر”. يقوم الدماغ بإطلاق كميات كبيرة من الأدرينالين والكورتيزول، وهي هرمونات تزيد من التركيز والانتباه. في هذه الحالة، يعيد الدماغ توجيه موارده لتسجيل كل التفاصيل الدقيقة للموقف، مما يجعلنا نشعر بأن الوقت يمر ببطء.
لماذا يحدث هذا الإحساس؟
الدماغ يحاول معالجة المعلومات بشكل مكثف أثناء المواقف المهددة للحياة. بدلاً من تسجيل الأحداث في “الذاكرة قصيرة الأمد” كما يحدث عادة، يقوم بتخزينها في “الذاكرة طويلة الأمد” لضمان تذكرها لاحقًا. هذا الجهد الزائد يجعل كل ثانية تبدو أطول مما هي عليه فعليًا.
هل الزمن فعليًا يمر ببطء؟
علميًا، الوقت يمر بنفس السرعة دائمًا. ما يتغير هو إدراكنا له. عندما يركز الدماغ على التفاصيل بشكل مكثف، يشعر الشخص بأن الوقت يتمدد. هذا الإحساس قد يكون آلية دفاعية تطورت عبر الزمن البشري لزيادة فرص البقاء على قيد الحياة.
أمثلة على الظاهرة
- الأشخاص الذين يمرون بحوادث سيارات غالبًا ما يصفون اللحظة وكأنها “بالتصوير البطيء”، حيث يمكنهم تذكر أدق التفاصيل عن الحادث.
- الرياضيون في رياضات مثل القفز بالمظلات أو التسلق الجبلي يصفون إحساسًا مشابهًا عند مواجهة لحظات توتر كبيرة.
كيف يساعدنا هذا الإحساس؟
إدراك الزمن البطيء خلال المواقف الخطرة يمنح الدماغ فرصة لمعالجة الأحداث بشكل أفضل، مما يساعد على اتخاذ قرارات سريعة. على سبيل المثال، شخص يقود سيارة ويواجه حادثًا محتملًا قد يتمكن من تفاديه بفضل هذا الإحساس المتمدد بالزمن.
هل يمكننا التحكم في هذه الظاهرة؟
رغم أن الظاهرة تحدث تلقائيًا، إلا أن التحكم في المشاعر وتقنيات التنفس يمكن أن تقلل من تأثيرها. الرياضيون والجنود يتدربون على البقاء هادئين في المواقف الخطرة لتحسين أدائهم وتقليل الشعور بالخوف.
الزمن وعقل الإنسان
إحساسنا بالزمن ليس ثابتًا، بل يتأثر بعوامل متعددة مثل المشاعر والخوف. هذه القدرة الفريدة للدماغ على إعادة تشكيل إدراكنا للزمن تُظهر مدى تعقيده وإبداعه. في كل مرة تواجه موقفًا خطيرًا وتشعر بأن الوقت يمر ببطء، تذكر أن هذا الإحساس هو أحد أدوات البقاء التي منحنا إياها التطور.