لطالما أبهرتنا الاكتشافات الأثرية بمدن شيدت تحت سطح الأرض، تعكس قدرة الإنسان القديم على التكيف مع التحديات البيئية والأمنية، وكانت هذه المدن بمثابة ملاجئ آمنة تتيح للسكان العيش لفترات طويلة بعيدًا عن المخاطر، سواء كانت الغزوات أو الكوارث الطبيعية، ومن بين هذه المدن، تبرز “ديرينكويو” في تركيا، والتي اكتُشفت بالصدفة، لتكشف عن عالم كامل مخفي تحت الأرض.
اكتشاف مدينة ديرينكويو
تم العثور على “ديرينكويو” في القرن العشرين، لتكشف عن مدينة متكاملة تقع على عمق 60 مترًا، تتألف من مستويات متعددة تضم غرفًا للمعيشة، مطابخ، مخازن، آبار مياه، ومساحات للعبادة، وقد صُممت بطريقة ذكية تسمح للعائلات بالبقاء داخلها لفترات طويلة دون الحاجة إلى الخروج، مما يجعلها نموذجًا فريدًا للتخطيط العمراني الدفاعي في العصور القديمة.
الأساطير المحيطة بالمدينة
رغم الأدلة الأثرية التي تشير إلى أن المدينة بُنيت كملجأ دفاعي، إلا أن الأساطير المحلية تصفها بأنها موطن لمخلوقات غير بشرية، وهو ما جعلها تُعرف باسم “مدينة الجن”، وهذه الروايات الغامضة جذبت اهتمام الباحثين والمؤرخين، مضيفة بعدًا أسطوريًا إلى تاريخها.
أسطورة مدينة النحاة
إلى جانب “ديرينكويو”، تتحدث الأساطير عن “مدينة النحاس”، التي يُقال إنها بُنيت بأمر من النبي سليمان بواسطة الجن، وكانت مليئة بالكنوز، ورغم محاولات الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان لاكتشافها، لم يُعثر عليها حتى اليوم، مما يجعلها لغزًا تاريخيًا آخر ينتظر الكشف عنه.
أهمية هذه المدن التاريخية
تمثل المدن تحت الأرض نموذجًا رائعًا للإبداع الهندسي والقدرة البشرية على التكيف مع البيئات القاسية، كما تسلط الضوء على أساليب البناء القديمة التي مكّنت الإنسان من البقاء آمنًا، مما يجعلها مصدر إلهام للباحثين في مجال العمارة والتاريخ.