في تطور استثنائي يحمل تأثيرات ضخمة على مستقبل الطاقة في المنطقة تم الإعلان عن اكتشاف أكبر بئر نفطي في البحر المتوسط، ما يمثل حدثًا لم يسبق له مثيل في تاريخ الصناعة النفطية في مصر وهذا الاكتشاف ليس مجرد إضافة جديدة إلى احتياطات الطاقة المصرية بل يمثل نقلة نوعية في خريطة الطاقة العالمية حيث يُتوقع أن ينتج ملايين البراميل يوميًا مما يعزز الاقتصاد المصري ويفتح الباب أمام طفرة استثمارية غير مسبوقة.
اكتشاف ضخم يفوق التوقعات
أعلنت شركة إنرجيان وهي واحدة من الشركات الرائدة في مجال التنقيب عن النفط والغاز عن اكتشاف كميات هائلة من الغاز الطبيعي في حقل أبوقير الواقع قبالة سواحل غرب دلتا النيل وجاء هذا الاكتشاف بعد حملة حفر مكثفة باستخدام منصة “القاهر 1” التي كشفت عن 270 قدمًا من التكوينات الحاملة للغاز وهو ما يعادل ضعف التقديرات الأولية ،ووفقًا للبيانات الأولية فإن احتياطي الغاز المكتشف يتراوح بين 87 و129 مليار قدم مكعب وهو ما يعزز قدرة مصر على الإنتاج والتصدير في وقت تشهد فيه البلاد انخفاضًا في إنتاج الغاز الطبيعي من حقولها الأخرى مثل حقل ظُهر وتوقعت شركة إنرجيان أن يبدأ الإنتاج الفعلي لهذا الاكتشاف في الربع الثالث من عام 2024 مما يعني دخول كميات ضخمة من الغاز إلى الأسواق قريبًا وهو ما سيسهم في سد الفجوة في الإنتاج المحلي ويعزز من مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة.
التأثير الاقتصادي الضخم وكيف سيغير هذا الاكتشاف مستقبل مصر
من المتوقع أن يكون لهذا الاكتشاف تأثير كبير على الاقتصاد المصري حيث سيساهم في:
- تعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد : يُعد هذا الاكتشاف خطوة مهمة في تحقيق الاكتفاء الذاتي لمصر من الطاقة ، حيث ستؤدي زيادة إنتاج الغاز الطبيعي إلى تقليل الحاجة إلى استيراد الغاز من الأسواق العالمية مما يوفر مليارات الدولارات التي يتم إنفاقها على استيراد الوقود.
- زيادة الصادرات وتحقيق عوائد ضخمة من العملة الصعبة : مع دخول هذا الاكتشاف الجديد حيز الإنتاج ستتمكن مصر من توسيع صادراتها من الغاز الطبيعي المسال إلى الأسواق الأوروبية والآسيوية خاصة في ظل تزايد الطلب العالمي على الغاز بعد الأزمة الروسية الأوكرانية.
- جذب الاستثمارات الأجنبية وتحفيز قطاع الطاقة : يُتوقع أن يساهم هذا الاكتشاف في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية في قطاع النفط والغاز، حيث ستسعى الشركات العالمية إلى الاستثمار في مصر للاستفادة من الثروات الطبيعية الضخمة الموجودة في البحر المتوسط.
- خلق آلاف فرص العمل وتعزيز التنمية الاقتصادية : من خلال التوسع في مشاريع الاستكشاف والإنتاج سيؤدي هذا الاكتشاف إلى خلق آلاف فرص العمل في مجالات مختلفة مثل التنقيب والإنتاج والنقل والتكرير مما يعزز النمو الاقتصادي ويحسن مستوى المعيشة.
تراجع الإنتاج المصري وهل يعوض الاكتشاف الجديد هذا الانخفاض
على الرغم من هذا الاكتشاف المذهل تواجه مصر تحديات كبيرة في قطاع الغاز الطبيعي، حيث سجل إنتاج البلاد انخفاضًا مستمرًا خلال الفصول الأخيرة وفي الربع الأول من عام 2024 انخفض إنتاج مصر من الغاز الطبيعي إلى 13.429 مليار متر مكعب مقارنة بـ 15.537 مليار متر مكعب في الربع نفسه من عام 2023 أي بانخفاض قدره 2.1 مليار متر مكعب ، كما تراجع الإنتاج بمقدار 670 مليون متر مكعب مقارنةً بالربع الأخير من عام 2023 مما يعكس التحديات التشغيلية التي تواجهها الحقول القائمة مثل حقل ظُهر العملاق ، ورغم هذا التراجع فإن دخول الاكتشاف الجديد في حقل أبوقير إلى حيز الإنتاج قد يكون المنقذ لقطاع الغاز المصري، حيث سيساعد في تعويض الانخفاض في الإنتاج وزيادة قدرة مصر على تحقيق فائض للتصدير.
استراتيجية مصر للاستفادة من الاكتشاف الجديد
لمواكبة هذا التطور وضعت الحكومة المصرية استراتيجية متكاملة للاستفادة من الاكتشاف الجديد وتتضمن:
- توسيع البنية التحتية للطاقة من خلال تطوير محطات تسييل الغاز والموانئ المخصصة للتصدير.
- تشجيع الشراكات الاستثمارية مع الشركات العالمية لتعزيز عمليات التنقيب والإنتاج.
- تحسين كفاءة الإنتاج في الحقول الحالية لمواجهة التحديات التشغيلية وتقليل الانخفاض في الإنتاج.