تُعدّ اللغة العربية من أغنى اللغات بالمفردات والتراكيب، وغالبًا ما يواجه الناطقون بها إشكاليات لغوية تتعلق بجمع بعض الأسماء و ومن بين هذه الكلمات التي أثارت جدلًا لغويًا كلمة “حليب”؛ فهل لها جمع؟ وإن وُجد، فما هو الشكل الصحيح لهذا الجمع؟
هل “حليب” اسم مفرد قابل للجمع؟
تُصنَّف كلمة “حليب” ضمن الأسماء التي تدل على مصدر غير معدود، أي أنها تشير إلى مادة سائلة لا تُحصى بذاتها، بل يتم تحديد كميتها بإضافة وحدات قياسية مثل: “كوب من الحليب”، “لتر من الحليب”، وهكذا وبناءً على ذلك، فإن الكلمة في أصلها لا تُجمع، لأنها اسم جنس إفرادي يشير إلى المادة نفسها دون حاجة إلى الجمع. ولكن في بعض الاستخدامات، ظهر محاولات لصياغة جمع لها، مما أدى إلى خلاف لغوي بين اللغويين والمعاجم.
آراء علماء اللغة حول جمع “حليب”
1. الرأي القائل بعدم وجود جمع لها
يرى العديد من اللغويين أن كلمة “حليب” لا تُجمع، لأنها مادة غير معدودة، مثل “ماء” و”عسل”، ولا تُستخدم إلا بصيغة المفرد ويدعم هذا الرأي عدد من المعاجم القديمة مثل “لسان العرب” و**”تاج العروس”**، حيث لم تذكر هذه المعاجم جمعًا صريحًا للكلمة.
2. الرأي القائل بجمعها بصيغة “أَحْلِبَة”
ذهب بعض اللغويين إلى أن “حليب” يمكن جمعها على وزن “أَفْعِلَة”، فيصبح الجمع “أَحْلِبَة”، وذلك قياسًا على جمع كلمة “قريب” إلى “أَقْرِبَة”. لكن هذا الجمع قليل الاستخدام، وغالبًا ما يُستخدم في سياقات أدبية أو لغوية بحتة.
3. الرأي القائل بجمعها بصيغة “حُلبان”
في بعض اللهجات العربية، يُستخدم جمع “حليب” بصيغة “حُلبان”، ولكن هذه الصيغة تُعدّ عامية وغير معترف بها في الفصحى. وهي مأخوذة من الجذر “حلب”، مما يجعلها أقرب إلى اسم الفاعل وليس إلى جمع “حليب” كمادة سائلة.
4. الرأي القائل باستخدام “أنواع الحليب” بدلاً من الجمع المباشر
نظرًا لأن “حليب” كلمة غير معدودة، فإن الأسلوب الأكثر شيوعًا في اللغة العربية الحديثة لتفريق الأنواع المختلفة هو استخدام تعابير مثل:
- “أنواع الحليب”
- “أصناف الحليب”
- “ألبان” (لكنها لا تعني الحليب وحده، بل تشمل اللبن ومشتقاته)