في عمق صحراء السعودية، تحت رمالها الحارة، يعتقد الكثيرون أن هناك كنزاً دفيناً يفوق في طوله حتى نهر النيل، أطول أنهار العالم. لا يتعلق هذا الكنز بالذهب أو الجواهر، بل هو كنز من نوع آخر، يتمثل في شبكة ضخمة من المياه الجوفية المخزنة تحت الأراضي الصحراوية. هذا الكنز يعتبر أحد أكبر مصادر المياه الجوفية في العالم، ويشكل محورًا هامًا في جهود المملكة لتوفير المياه في مناطقها الصحراوية القاحلة.
تقدر الدراسات الحديثة أن هناك ما يُعرف بـ “الحوض الجوفي العربي”، الذي يمتد عبر العديد من دول منطقة الخليج العربي، ومن بينها المملكة العربية السعودية. هذه الشبكة الجوفية الضخمة تحتوي على احتياطيات هائلة من المياه العذبة التي تُعتبر بمثابة كنز طبيعي. إذا قمنا بمقارنة طول هذه الشبكة الجوفية مع طول نهر النيل الذي يمتد لنحو 6,650 كيلومترًا، فإن هذه المياه الجوفية تمتد لأبعاد مشابهة، ما يوضح ضخامة الحجم الذي يخبئه باطن الأرض في صحراء المملكة.
من أجل الوصول إلى هذا الكنز الثمين، قامت المملكة بإطلاق العديد من المشاريع للاستفادة من المياه الجوفية، مثل حفر الآبار العميقة وإنشاء محطات لتحلية المياه. هذا في محاولة لتوفير المياه للمناطق الصحراوية النائية التي تعاني من قلة المصادر المائية. رغم أن هذه المياه قد تكون غير متجددة بشكل كامل، إلا أنها توفر حلاً فوريًا للأزمة المائية التي تعاني منها بعض المناطق في المملكة.
ومع ذلك، يواجه استخراج المياه من هذا “الكنز المدفون” تحديات كبيرة، حيث أن استنزافه بشكل مفرط قد يؤدي إلى تبعات بيئية خطيرة. إن الحفاظ على هذا المصدر الحيوي يتطلب تقنيات حديثة لإدارة المياه الجوفية بشكل مستدام، وتطوير حلول مبتكرة لتقليل الفاقد.
إضافة إلى ذلك، يعتبر هذا الكنز الجوفي بمثابة أساس للعديد من المشاريع الزراعية والصناعية التي تهدف إلى تنمية الأراضي الصحراوية وتحويلها إلى مناطق خصبة قادرة على الإنتاج الزراعي. فالتوسع في مشاريع الري باستخدام المياه الجوفية قد يسهم في تحسين الأمن الغذائي في المملكة.
في النهاية، رغم أن الكنز المدفون تحت رمال السعودية ليس كنزًا من الذهب أو الأحجار الكريمة، إلا أن قيمته تكمن في ما يقدمه من أمل لمستقبل المملكة، حيث يمكن أن يسهم في تحقيق الاستدامة المائية والتنمية الزراعية في بيئة صحراوية قاسية.