يعد الضغط النفسي المرتبط بالتعليم من أهم العوامل التي تؤثر بشكل كبير على شخصية الطلاب، خاصة في أوقات الامتحانات، حيث يتجلى تأثير هذا الضغط بشكل مباشر على سلوكهم وتصرفاتهم. يعتبر التعليم مرحلة حاسمة في حياة الإنسان، فهي ليست مجرد وسيلة لاكتساب المعرفة، بل هي التي تحدد ملامح شخصيته وتوجهاته الأخلاقية والسلوكية في المستقبل. إلا أن الضغوط النفسية التي يمر بها الطلاب تؤدي إلى العديد من التصرفات غير اللائقة، مثل ضعف الاحترام تجاه المعلمين والزملاء، ما يساهم في تشويه العملية التعليمية في بعض الأحيان. ومن أبرز مظاهر هذا التغيير في السلوك هو ما يحدث أثناء تأدية الامتحانات، وهو ما سنناقشه من خلال مثال ملموس.
رسالة الطالبة إلى معلم المادة
خلال الامتحانات التجريبية التي تُجرى شهريًا، كتبت إحدى الطالبات رسالة في ورقة الإجابة، حيث لم تجب على أي من الأسئلة، بل كتبت رسالة إلى معلم المادة تقول فيها: “هو أنا عارفة أكتب إجابة جوه، لم حكتب إجابات هنا؟ وبعدين متفتكرش انك بتخوفني عشان ده امتحان. لا، مش أنا يا حبيبي، أنا بمتحن بس علشان أنجح واتجوز.” بهذه الكلمات، أوضحت الطالبة عبير أن هدفها من النجاح ليس التفوق الدراسي، بل مجرد اجتياز الامتحان لتحقيق هدفها في الزواج وتكوين أسرة. وبذلك، يبرز التساؤل عن مدى تأثير هذه القيم التي قد تكون مغروسة في عقول بعض الطلاب.
تحليل الرسالة والتأثير الاجتماعي
من خلال النظر إلى هذه الرسالة، نجد أن ما كتبته الطالبة يعكس واقعًا اجتماعيًا عميقًا لدى العديد من الفتيات، حيث يتم تدريبهن منذ الصغر على أن الزواج هو الهدف الأسمى في حياتهن، متجاهلات بذلك أهم أهداف التعليم والنمو الشخصي. هذا الفكر يعكس قيمًا اجتماعية قد تكون سلبية، حيث يُنظر إلى المرأة فقط من خلال منظور الدور التقليدي الذي يُتوقع منها في المجتمع. لكن في عصرنا الحالي، يجب أن ننتبه إلى أهمية تقديم التعليم كوسيلة للتمكين والنمو الفكري وليس فقط وسيلة لتحقيق أهداف اجتماعية تقليدية.
أما على صعيد السوشيال ميديا، فقد اختلفت الآراء حول هذه الرسالة. البعض اعتبرها مدعاة للسخرية والاستهزاء، بينما رأى آخرون أن هذا النوع من التفكير يمثل كارثة اجتماعية، حيث يعزز من القيم الخاطئة التي قد تعيق تقدم الفتيات في مجالات التعليم والعمل. لهذا، يبرز السؤال حول كيفية معالجة هذه الفكرة في البيئة التعليمية، وهل من الضروري أن يتم توجيه الطالبة إلى أخصائي نفسي لمعالجة هذا السلوك وتغيير نظرتها تجاه الحياة والهدف من التعليم؟ أم أن المجتمع المحيط بها هو من يجب أن يحمل جزءًا من المسؤولية في تصحيح هذه الأفكار المغلوطة؟
الخلاصة
إن الضغوط النفسية المترتبة على التعليم، إضافة إلى القيم الاجتماعية التي يكتسبها الطلاب من محيطهم، قد تشكل شخصية الطالب وسلوكياته بشكل قد يكون ضارًا في بعض الأحيان. مما يستدعي ضرورة معالجة هذه القيم في المراحل التعليمية المبكرة، وتعزيز الوعي لدى الطلاب بأن التعليم ليس مجرد وسيلة للنجاح في الامتحانات، بل هو أساس لتطوير الذات وتحقيق الطموحات الشخصية.