شهد العالم مؤخراً اكتشافاً ضخماً قد يعيد رسم معادلات الطاقة والاقتصاد العالمي، حيث تم العثور على أكبر حقل غاز طبيعي في العالم، يُقدر إنتاجه بحوالي 80 تريليون قدم مكعبة من الغاز. يقع هذا الاكتشاف الهائل في أعماق جبال إحدى الدول، ما أثار دهشة القوى العظمى مثل الولايات المتحدة وروسيا، نظراً لما يشكله من تهديد محتمل لمكانتهما في سوق الطاقة العالمية.
إذا تمكنت هذه الدولة من استغلال هذا المورد الاستراتيجي بشكل فعّال، فمن المتوقع أن تحقق قفزة اقتصادية هائلة قد تجعلها تنافس أغنى دول الخليج، مما يغير توازنات القوى الاقتصادية في المنطقة والعالم. هذا الاكتشاف لا يقتصر تأثيره على الاقتصاد المحلي فحسب، بل يفتح آفاقاً جديدة حول توازنات الطاقة العالمية ويثير تساؤلات حول مستقبل أسواق الطاقة الإقليمية والدولية.
في هذا المقال، سنستعرض التفاصيل الكاملة لهذا الاكتشاف الضخم، ونكشف عن الدولة المعنية، بالإضافة إلى تحليل كيف يمكن لهذا الحدث أن يُحدث تحولاً في مشهد الطاقة العالمي في المستقبل القريب، وتأثيراته المحتملة على العلاقات الاقتصادية والسياسية بين الدول.
إكتشاف حقل جبل علي للغاز وأهميته
في أوائل عام 2020 شهدت الإمارات العربية المتحدة اكتشافًا استثنائيًا يُعرف بـ”حقل جبل علي للغاز” والذي يُعدّ من أكبر الاكتشافات الغازية في تاريخ الدولة وهذا الحدث لم يكن مجرد اكتشاف لثروة طبيعية بل مثّل دفعة قوية للاقتصاد الوطني وركيزة أساسية لتحقيق رؤية الإمارات المستقبلية للاكتفاء الذاتي من الطاقة ودعم المشاريع التنموية على مدى العقود القادمة ، وعبّر الشيخ محمد بن زايد نائب رئيس دولة الإمارات عن أهمية هذا الاكتشاف بقوله: “أرضنا مباركة ومعطاءة” وفي إشارة إلى الدور الحيوي الذي يلعبه حقل جبل علي في تعزيز موارد الدولة ويقع الحقل في منطقة مشتركة بين سيح السديرة في أبوظبي وجبل علي في دبي ويمتد على مساحة شاسعة تبلغ نحو 5 آلاف كيلومتر مربع ، والحقل يُعدّ كنزًا استراتيجيًا حيث يحتوي على احتياطيات تقدر بـ80 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي وهو ما يعادل 20% من إجمالي احتياطيات الغاز في الإمارات مما يجعله عاملًا محوريًا في تقليل الاعتماد على واردات الغاز الخارجي.
الأثر الاقتصادي والاستراتيجي للاكتشاف
بفضل هذا الحقل ارتفعت احتياطيات الإمارات من الغاز الطبيعي إلى 513 تريليون قدم مكعبة ومنها 273 تريليون قدم مكعبة من الغاز التقليدي و160 تريليون قدم مكعبة من الغاز غير التقليدي وهذا الإنجاز وضع الإمارات في موقع استراتيجي ضمن قائمة أكبر الدول المنتجة للغاز عالميًا وحقل جبل علي لم يقتصر تأثيره على تعزيز احتياطيات الغاز فقط بل إنه ساهم أيضًا في تقليل اعتماد الإمارات على واردات الغاز القطري والتي كانت تُستخدم منذ عام 2017 ، ومع هذا الاكتشاف خطت الإمارات خطوة مهمة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي مما يعزز استقرارها الاقتصادي والسياسي.
جهود تطوير “أدنوك” و”دوساب” في الصدارة
لتحقيق الاستفادة القصوى من هذا المورد الهائل ووقّعت شركتا “بترول أبوظبي الوطنية” (أدنوك) و”هيئة دبي للتجهيزات” (دوساب) اتفاقية لتطوير الحقل ، وركزت هذه الجهود على تسخير أحدث التقنيات في مجال الحفر والتقييم مع حفر أكثر من 10 آبار استكشافية حتى الآن ، و”أدنوك” الشركة الوطنية العملاقة تعتمد على الجمع بين الحفر التقليدي وغير التقليدي لتقييم إمكانات الحقل ، كما عملت على تطوير الأغطية الغازية واحتياطيات الغاز الحامض غير التقليدية لتوفير إمدادات مستدامة من الغاز الطبيعي للاستخدامات المحلية والمشروعات الصناعية الكبرى.
دور الحقل في رؤية الإمارات المستقبلية
يأتي حقل جبل علي في وقت تسعى فيه الإمارات لتحقيق قفزات نوعية في مجال الطاقة والتنمية ، ويُعدّ الحقل جزءًا من استراتيجية الإمارات للخمسين عامًا المقبلة حيث سيساهم في دعم مشروعات البنية التحتية وتعزيز الصناعات المرتبطة بالطاقة، وتوفير مصادر طاقة موثوقة للأجيال القادمة ، والحقل يُعدّ كذلك منصة انطلاق نحو تعزيز التعاون بين إماراتي أبوظبي ودبي في مجال الموارد الطبيعية ومن خلال الاتفاقيات المشتركة تعمل الإمارات على استثمار هذا المورد لتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة.