في إحدى القرى الهادئة، حيث تنتقل الحكايات بين الناس وكأنها دروس من الحياة، عاشت امرأة تُدعى أمينة، التي طالما راودها حلم الأمومة. تزوجت في سن مبكرة، لكن الأقدار لم تمنحها نعمة الإنجاب رغم كل المحاولات والعلاجات. ومع مرور السنوات، بدأ الأمل يتلاشى من قلبها، إلا أن لسانها لم يتوقف عن الدعاء. كانت ترفع يديها إلى السماء بلهفة وتقول: “يا رب، ارزقني ولو بطفل كالحجر، فقط لأشعر بطعم الأمومة!”
ولادة طفل بجلد صلب كالحجر
بعد سنوات من الصبر، جاء الفرج أخيرًا، إذ زفّ إليها الطبيب بشرى الحمل. لم تصدق أمينة عينيها، وكأن الحياة قد أشرقت من جديد في قلبها. لكن سعادتها لم تدم طويلًا، فمع ولادة طفلها، اكتشف الأطباء أنه مصاب بحالة نادرة تُعرف باسم “تقرّن الجلد الخلقي”، والتي تجعل جلده سميكًا وصلبًا بطريقة غير طبيعية، أشبه بملمس الحجر.
الدهشة والرهبة
عندما نظرت أمينة إلى صغيرها للمرة الأولى، اجتاحتها مشاعر متباينة؛ حب عميق امتزج بدهشة وخوف. كان ابنها المنتظر بين يديها، لكنه جاء بشكل لم تتوقعه أبدًا. وفي لحظة صمت مهيبة، عادت إلى ذهنها كلمات دعائها القديم، فشعرت بقشعريرة تسري في جسدها. هل كانت كلماتها سببًا في ذلك؟ هل استجاب الله لدعائها حرفيًا؟
اختبار الصبر والحب الحقيقي
رعاية هذا الطفل لم تكن بالأمر السهل، فقد احتاج إلى اهتمام طبي مستمر، وعلاجات متكررة، إلى جانب تحدي النظرات المتسائلة من المحيطين بها. ومع ذلك، لم تتراجع أمينة يومًا عن حبها لطفلها، بل اعتبرته نعمة رغم اختلافه، واستقبلت وجوده في حياتها كاختبار لقوة إيمانها وصبرها.
حكمة الله في الاستجابة للدعاء
مع مرور الوقت، أدركت أمينة أن الله لم يحرمها من حلمها، بل منحه لها بطريقته الخاصة. قد لا يكون ابنها كغيره من الأطفال، لكنه كان تجسيدًا حقيقيًا للصبر، والحب غير المشروط، والإيمان بأن كل شيء يحدث لحكمة إلهية عميقة.
رسالة للقلب قبل اللسان: احذر ما تتمنى!
هذه القصة ليست مجرد رواية حزينة، بل درس ثمين لكل من يدعو الله دون أن يزن كلماته. فالله كريم، لكن استجابته قد تأتي بطرق لا نتوقعها. لذا، عندما نرفع أيدينا بالدعاء، فلنطلب الخير المطلق، ونترك الاختيار لله، الوكيل العليم بما هو أفضل لنا.
**أمينة قد لا تكون أنجبت طفلًا كغيره، لكنها نالت معجزة حقيقية، هدية مغلفة بالصبر، ورسالة تحمل معنى أعمق للأمومة الحقيقية