تعتبر صبغة الشعر من أكثر المهمة التي يلجأ لها بعض السيدات والرجال، وذلك من أجل تغيير مظهرهما، أو للتجديد، أو لإخفاء خصلات الشيب، إلا أنه يقول الكثير أن الصبغ بالسواد هو أمر محرم شرعًا، فما هي الأسباب؟، هذا ما سنتعرف عليه في السطور التالية.
لماذا نهى الرسول عن صبغ الشعر باللون الأسود؟
وفي هذا الصدد، اعتقد البعض أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صبغ الشعر باللون الأسود، وذلك لمنع الغرور والكبر فمن ظهر فيه الشيب، وحمله على الطاعة والتوبة، وقال ابن أبي شيبة عن مجاهد أن أول من خضب بالسواد فرعون، ومخالته مقصودة شرعاً.
الشيخ عويضة عثمان يرد على صبغ الشعر باللون الأسود
ومن جانبه، علق الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء، على حكم صبغ الشعر باللون الأسود، على قناة «الناس» لافتًا أن الشافعية حرموه، واستدلوا بحديث النبي، كما في صحيح مسلم: عن جابر بن عبد الله قال «أتي بأبي قحافة يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد»، مضيفًا «أن الجمهور والحنفية والحنابلة والمالكية قالوا إنه مكروه فقط، وذلك لأنه ثبت إن سيدنا الحسين صبغ بالأسود، وسيدنا الحسن صبغ بالأسود أيضًا»، مشيرًا إلى إنه أمر مكروه، وليس حراما.
وفي السياق ذاته، استفاضت دار الإفتاء المصرية، في الرد عن حكم الدين ونهيه على صبغ الشعر باللون الأسود، سواء كان للرجال أم النساء، حيث أظهرت اختلاف الفقهاء في حكم الصبغ بالسواد مع إجماعهم على جوازه في الحرب ليكون المجاهدون أكثر شبابًا وجَلَدًا وقوةً ليكون ذلك أهْيَبَ للعدو؛ فمن بينهم من قال بكراهته، ومنهم من قال بتحريمه باستثناء الجهاد، ومن بينهم من رخص فيه مطلقًا ورأى أنه لا حرج على فاعله.
دليل الرأي القائل بتحريم الصبغ بالسواد
وبالنسبة لدليل من قال بتحريمه، بحسب «الإفتاء» فهو ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يَكُونُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَخْضِبُونَ بِالسَّوَادِ كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ، لَا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ» رواه أبو داود والنسائي، وكذلك حديث قصة أبي قحافة التي سبق ذكرها، ولفتت الدار إلى أن الأصل أن النهي يقتضي التحريم، والقائلون بالكراهة يحملون النهي هنا على الكراهة؛ لارتباطه بأمور العادات.
ومن جهه أخرى، ما يأتي به أصحاب الرأي القائل بالجواز، حيث إنهم يستدلون بحديث صهيب الخير رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ أَحْسَنَ مَا اخْتَضَبْتُمْ بِهِ لَهَذَا -أي للشيب- السَّوَادُ؛ أَرْغَبُ لِنِسَائِكُمْ فِيكُمْ، وَأَهْيَبُ لَكُمْ فِي صُدُورِ أعدَائكم» رواه ابن ماجه وحسَّنه البوصيري.
والجدير بالإشارة، إلى أن جماعةٌ من الصحابة بالفعل صبغوا بالسواد؛ من بينهم سيِّدَا شباب أهل الجنة الحسن والحسين عليهما السلام وغيرهما، ولم ينقل الإنكار عليهم من أحد، وكان الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأمر بالخضاب بالسواد ويقول: هو تسكينٌ للزوجة وأَهْيَبُ للعدو، وأجابوا عن حديث ابن عباس رضي الله عنهما السابق بأنه لا دلالة فيه على كراهة الخضاب بالسواد، ولكن فيه الإخبار عن قومٍ هذه صفتهم لا أنّ عدم وجدانهم رائحة الجنة لخضابهم بالسواد، وفي النهاية، يوجد اختلاف بين الفقهاء بين الجواز وعدمه في مسألة الصبغ بالسواد، ولا حرج على مَن أخذ بأيِّ القولين.