لا تزال أزمة سد النهضة الإثيوبي تثير توترًا كبيرًا بين مصر وإثيوبيا، خاصة في ظل تعنت أديس أبابا في المفاوضات ورفضها توقيع اتفاق قانوني ملزم مع مصر والسودان بشأن قواعد ملء وتشغيل السد ومع استمرار الأزمة السياسية، كشفت التقارير عن خطر جيولوجي متزايد يهدد السد، ما يزيد المخاوف بشأن سلامته الهيكلية وإمكانية تعرضه لكارثة.
سلسلة زلازل تهدد سلامة السد
كشف الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، عن وقوع سبعة زلازل خلال 20 يومًا في إثيوبيا، وهو مؤشر خطير على النشاط الزلزالي المتزايد في المنطقة. وأكد شراقي أن أحدث الزلازل وقع مساء الأربعاء 16 أكتوبر 2024 بقوة 4.8 درجة على مقياس ريختر وعلى عمق 10 كيلومترات، ويبعد 570 كيلومترًا شرق سد النهضة و140 كيلومترًا من العاصمة أديس أبابا.
وأشار إلى أن هذه الزلازل، التي تقع في نطاق الأخدود الإثيوبي (امتداد الأخدود الإفريقي العظيم)، قد يكون لها تأثير ضعيف حاليًا على السد، لكن لا يمكن استبعاد احتمالية حدوث زلزال أقوى وأقرب في المستقبل، مما قد يشكل خطرًا كبيرًا على السد.
سد النهضة.. “قنبلة مائية” تهدد المنطقة
وصف شراقي سد النهضة بأنه “قنبلة مائية قابلة للانفجار في أي وقت”، خاصة وأن كمية المياه المخزنة فيه وصلت إلى 60 مليار متر مكعب وأوضح أن استمرار النشاط الزلزالي في المنطقة قد يؤدي إلى تصدعات في السد أو حتى انهياره، مما يهدد ملايين السكان في دول المصب، وخاصة السودان ومصر.
توقف التوربينات والكهرباء المفقودة
رغم الضجة التي أحدثها سد النهضة باعتباره مشروعًا لتوليد الكهرباء، إلا أن إثيوبيا لم تعترف حتى الآن بتوقف التوربينات الأربعة للسد منذ أكثر من 40 يومًا، وفقًا للدكتور شراقي ويبدو أن إثيوبيا لا تملك حتى الآن شبكة كافية لنقل وتوزيع الكهرباء، مما يحرم أكثر من 70 مليون إثيوبي من الحصول على الكهرباء، حتى مع اكتمال تركيب جميع التوربينات الـ13 المخططة للمشروع.
وأكد شراقي أن إثيوبيا تواجه أزمة كهربائية حادة بسبب ضعف البنية التحتية، إذ يعيش 130 مليون نسمة على مساحة شاسعة تبلغ مليون كيلومتر مربع، تشمل مناطق جبلية وأودية صعبة التضاريس، ما يجعل توزيع الكهرباء تحديًا كبيرًا للحكومة الإثيوبية.
المفاوضات تصل إلى طريق مسدود
على الصعيد السياسي، لا تزال مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا تراوح مكانها، حيث انتهى الاجتماع الرابع والأخير، الذي عُقد العام الماضي لإنهاء الخلافات حول قواعد ملء وتشغيل السد، دون التوصل إلى أي اتفاق.
وترى القاهرة أن سبب الفشل يعود إلى تعنت إثيوبيا ورفضها أي حلول وسط من شأنها حماية مصالح الدول الثلاث، واستمرارها في التراجع عن التفاهمات السابقة.
وأكدت مصر أنها تحتفظ بحقها في الدفاع عن أمنها المائي والقومي وفقًا للقوانين والمواثيق الدولية، في حال تعرضت مصالحها المائية للضرر.