تسير المملكة العربية السعودية بخطى ثابتة نحو تحقيق إنجاز تاريخي غير مسبوق، إذ تخطو نحو امتلاك أطول نهر صناعي في العالم، بمشروع فريد يهدف إلى مواجهة تحديات شح المياه في واحدة من أصعب البيئات الجغرافية وبينما كانت المياه العذبة في السعودية من الكماليات التي يصعب الحصول عليها، يبدو أن المملكة على أعتاب تحول جذري من خلال هذا المشروع الذي سيتجاوز مجرد توفير المياه إلى طموحات اقتصادية وزراعية كبيرة.
السعودية تُحدث زلزالًا هندسيًا بحفر نهر صناعي عملاق ضعف نهــر النيل
تعتمد المملكة العربية السعودية بشكل أساسي على الأمطار والأبار الجوفية كمصادر رئيسية للمياه، وهو ما يعود إلى الطبيعة الجغرافية الصعبة التي تتسم بها المملكة. تقع السعودية في قلب أكبر صحراء غربية في العالم، وتتميز بمناخ قاسي لا يرحم في فصل الصيف والشتاء، مع غياب الأنهار الطبيعية. هذا جعلها تعاني من ندرة المياه، مما استدعى ابتكار حلول للتغلب على هذه التحديات الطبيعية.
ورغم شح الأنهار، تعتمد المملكة في تلبية احتياجاتها من المياه على مصادر سطحية منتشرة في المناطق الغربية والجنوبية الغربية، والتي تسهم بحوالي 10% من إجمالي إمدادات المياه. أما بقية الاحتياجات فيتم تغطيتها من خلال المياه الجوفية التي تغذي 84% من احتياجات المملكة، بالإضافة إلى تحلية المياه التي تسهم بنسبة 5% من إجمالي الإمدادات.
تحلية المياه: الحل الأمثل في الصحراء
منذ ثمانينات القرن الماضي، بدأت المملكة في إنشاء محطات لتحلية مياه البحر. ومع مرور الزمن، أصبحت المملكة تتصدر قائمة دول العالم في إنتاج المياه المحلاة، حيث تتمكن من إنتاج أكثر من مليار متر مكعب سنويًا، أي ما يعادل 18% من إجمالي الإنتاج العالمي.
أيضًا، لم تقتصر المملكة على تحلية المياه البحرية فقط، بل اعتمدت على مياه الصرف الصحي المعالج لتوفير 1% من إمدادات المياه.
الجفاف وتكنولوجيا المياه الجوفية
خلال العقود الماضية، عانت المملكة من جفاف البحيرات، خاصة في محافظة الإفلاج، مما زاد من الاعتماد على المياه الجوفية. وفي استجابة لهذه التحديات، تعاونت المملكة مع شركات مثل “أرامكو” لتحديد مواقع المياه الجوفية العميقة في مناطق شمال وشرق المملكة، وهو ما أسهم في تأمين إمدادات إضافية للمياه في المناطق التي كانت تعاني من نقص حاد في المياه.
وتعتبر “واصية” واحدة من أكبر طبقات المياه الجوفية في المملكة، حيث تحتوي على مخزون مياه يفوق مياه الخليج العربي. في التسعينات، بدأت المملكة في الاستفادة بشكل أكبر من هذه المياه، خاصة في القطاع الزراعي الذي يعد من أكبر المستهلكين للمياه الجوفية.
نهر سعودي عظيم: أطول نهر صناعي في العالم
في خطوة غير مسبوقة، أعلنت المملكة العربية السعودية عن نيتها لإنشاء أطول نهر صناعي في العالم، الذي سيصل طوله إلى 12,000 كيلومتر، بعرض 11 مترًا وعمق 4 أمتار. سيكون هذا النهر، الذي يتوقع أن ينافس نهر النيل، نقلة نوعية في توفير المياه العذبة للمملكة. هذا المشروع هو جزء من رؤية المملكة 2030 التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ويهدف إلى تزويد المملكة بمصادر مياه مستدامة تدعم النمو السكاني والزراعي.