منذ الأزل، استعان الإنسان بالحيوانات في مختلف جوانب حياته، فاستأنسها وجعلها جزءًا من أعماله، سواء لمساعدته في التنقل وحمل الأثقال أو لحماية ممتلكاته ومأواه، بل واتخذ بعضها مصدرًا لرزقه، ومن بين هذه الحيوانات، كان للحمار دور بارز، حيث اعتبره الإنسان خادمه الصبور، القانع بأبسط المكافآت، مقابل جهوده الكبيرة فقد استعان به في النقل والجر وأعمال الزراعة، لكن المثير للدهشة هو استخدامه في مهام لم تكن مألوفة له، مثل الحراسة، وهي الوظيفة التي تُنسب عادةً إلى الكلاب.
إلا أن الرعاة في أمريكا كانت لهم تجربة مختلفة، إذ لجأوا إلى الحمير لحماية قطعان الأغنام بدلاً من الكلاب، مما يطرح تساؤلًا كيف يمكن لحيوان عشبي، مسالم بطبيعته، أن يصبح حارسًا فعالًا؟
الحمير حراس لا يستهان بهم

في مناطق عدة من العالم، يعاني المزارعون من هجمات الحيوانات المفترسة التي تفتك بقطعانهم ففي عام 1988 وحده، خسر رعاة تكساس ما يقارب 9 ملايين دولار بسبب تلك الهجمات.
وعلى الرغم من تعدد الوسائل المستخدمة لحماية الماشية، مثل الفخاخ وصفارات الإنذار والمدافع الصوتية، فإن أحد أكثر الحلول فعالية كان الاعتماد على الحمير فقد تبين أن هذه الحيوانات تكره الذئاب والثعالب وباقي أفراد عائلة الكلاب البرية، وتعتبرها دخيلة على أراضيها.
وعند رصد خطر محتمل، يطلق الحمار نهيقا عاليًا لتنبيه المزارع، وقد يطارد العدو أو يهاجمه مستخدمًا حوافره القوية وأسنانه الحادة وفي كثير من الأحيان، يكون صوت الحمار وحده كافيا لإخافة المفترس وإبعاده.
مميزات تجعل الحمار خيارًا مثاليًا
الحمير ليست فقط قوية، بل تتمتع أيضا بالذكاء والهدوء، فهي لا تصاب بالذعر عند مواجهة الخطر، بل تقيم الموقف بحذر قبل اتخاذ أي رد فعل كما أن حمارا واحدا قادر على حماية قطيع يصل إلى 200 رأس من الأغنام أو الماعز، بشرط أن يكون في منطقة مفتوحة، حيث يتمكن من رصد التهديدات بسهولة.
لكن لكي يؤدي الحمار دوره كحارس، يجب أن يعتبر القطيع ملكًا له، وإلا فلن يهتم بحمايته كما ينبغي أن يكون متوسط الحجم على الأقل، إذ إن الحمير الصغيرة قد لا تتمكن من التصدي للمفترسين.