عودة ظهور الضبع المرقط في مصر بعد 5000 عام.. اكتشاف محمية إلبا

في اكتشافٍ علمي نادر تم توثيق ظهور الضبع المرقط في مصر للمرة الأولي منذ آلاف السنين، وذلك داخل محمية إلبا، هذا الاكتشاف يعتبر إضافة كبيرة إلى تاريخ الحياة البرية في مصر، ويفتح آفاقًا جديدةً لدراسة هذا الحيوان المفترس وما يُحدثه من تأثير كبير على النظام البيئي. 

مشاهد نادرة في محمية إلبا 

في حدث نادر ومذهل تم مشاهدة ضبع مرقط داخل إحدى المحميات المتواجدة في الجزء الجنوبي الشرقي من مصر على مقربة من الحدود مع دولة السودان وهي “محمية إلبا”، وتم القضاء عليه بواسطة السكان بعدما أكل المواشي الخاصة بهم، هذا الإكتشاف يحمل في طياته دلالات كبيرة حول تعرض البيئة لتغيرات بارزة وآثار ضخمة وأيضًا التحديات التي تظهر بمشاهدة هذا الضبع.

9D777563 19A9 4D6C 8266 BF19BC15C133

مصر خالية من الضباع 

عند النظر في تاريخ مصر نجد أنها كانت تخلو تمامًا من “الضباع المرقطة” فكانت التوقعات تشير إلى كونها تتواجد بأعداد داخل إفريقيا في الجزء الجنوبي حيث الصحراء الكبرى، ولم يتم مشاهدة هذا النوع داخل مصر حتى شهر فبراير من العام الماضي 2024 حيث ظهر وقضي عليه مجموعة من الرعاة الأصليين.

وتحدث المؤلف الأساسي للدراسة داخل جامعة الأزهر الدكتور “عبدالله ناجي” أنه لم يُصدق هذا الخبر عند سماعه للمرة الأولى وهذا دفعه للإطلاع على الصور والفيديوهات التي تم التقاطها لهذا لبقايا هذا الحيوان والتي أثبتت صدق إدعاءات ظهوره.

وهذا الاكتشاف الكبير دفع الباحثين إلى إعادة عملية توزيع أنواع هذا الضبع وطرح أسئلة عديدة تدور حول العوامل البيئية التي دفعته للحركة والبحث في إحتمالية وجود ضباع أخرى تتبع هذه العوامل.

DC2AD925 3E9F 4625 AD4E 15DC07A6F13C

294B9421 F85F 48D8 9C07 4D3C37E3DB80

لغز كبير حول ظهور الضبع 

ويظل اللغز الأكبر الذي يحيط بقضية ظهور الضبع هو كيفية تمكنه من السفر لمسافة كبيرة تبلغ خمسمائة كيلومتر إلى الجهة الشمالية من المنطقة التي جاء منها داخل السودان، ويُعرف عن الضباع أنها تمتلك قدرة كبيرة على السير لمسافات طويلة تبلغ في بعض الأحيان إلى سبعة وعشرون كيلو متر في اليوم الواحد بهدف إيجاد وجبة دسمة، ولكن عند حدوث هجرة لهذه المسافات الطويلة فإنها تكون دلالة على حدوث بعض التغيرات البيئية الكبيرة.

وللتوصل إلى أسباب حدوث هذا الأمر قام مجموعة من الباحثين بإجراء فحص دقيق للصور القادمة من الأقمار الصناعية ومعلومات الغطاء النباتي تبعًا للمؤشر الرسمي NDVI بداية من عام 1984 وصولًا لعام 2025، وتحدثت النتائج التي تم التوصل إليها عن وجود زيادة ليست بقليلة في نسبة مؤشر الغطاء النباتي الأساسي في الفترة بين عام 2019 والعام الماضي 2024 وهذا يؤكد ظهور تحسينات على الرعي نتيجة نزول أمطار بكميات جيدة.

وأشار المقترح الخاص بالدكتور “ناجي” أن التغيرات المناخية هذه ربما تكون سببًا في قدوم الضبع من منطقة “الممر” التي باتت ذو صعوبة بيئية أقل مما مضى حيث سهولة السير على الطريق السريع.

تغيرات مناخية وهجرة الكائنات البرية 

لاشك في أن هجرة الكائنات البرية أثارت قلق الباحثين بشكل كبير حيث يدل ذلك على تعرض المناخ لتغيرات كبيرة، وعاشت مصر فترات متقبلة بين نزول الأمطار والجفاف والرطوبة النسبية التي استمرت سنوات طوال، وهذه التغيرات من شأنها فتح المجال أمام الكائنات البرية للتنقل من منطقة لأخر لا تصلح للعيش.

وفي حالة اخذت هذه التغيرات في التزايد فمن المتوقع أن تشهد مصر ظهور مفاجئ لحيوانات برية مختلفة وتم بالفعل مشاهدة مثل هذه الحالات في السنوات الماضية، وبحلول عام 2014 تم قتل نمر ذكر في الجزء الجنوبي الشرقي من مصر بعد قيامه بتناول المواشي ومن خلال ذلك نستدل أن الحيوانات التي تقدم على تناول اللحوم الكبيرة لا تزال حتى الآن تسلك الطرق القديمة للهجرة.

صراع البقاء ومواجهة غير مسبوقة 

شهدت مصر مواجهات مجتمعية نتيجة وجود الضبع منذ شهر فبراير من العام الماضي حيث تمكن الضبع من الدخول إلى “وادي يهميب” ومن ثم قام بالتهام ماعزين ونتيجة لذلك قتلة الرعاة وصوروا بقايا جسد وحددوا مكانة الجغرافي  ومن خلال ذلك تأكد الباحثين من ظهوره.

وهذه الحادثة أكبر دلالة على استمرار الصراع بين الإنسان والكائنات البرية داخل الريف ومن سنوات طويلة لا ينسجم الرعاة المصريين في العيش مع هذا الضباع حيث أنهم يهتمون بتربية الماشية من أجل العيش وبالتالي تم وضع كافة الحيوانات التي تفترسها في قائمة التحديات الاقتصادية.

هل يوجد فرصة أمام الضباع للعودة إلى مصر؟ 

وطرح المهتمين سؤال هام للغاية يدور حول إحتمالية قدوم مزيد من الضباع لمصر، وتُشير توقعات العلماء في صدد ذلك أن التقلبات المناخية والاضطرابات السياسية في السودان ربما تكون دافعًا لهجرة الكائنات البرية.

تتميز منطقة “إلبا المحمية” داخل مصر بأنها ذات بيئة ملائمة للكائنات البرية ولذلك اتجه إليها الرعاة في السنوات الأخيرة لممارسة الرعي الحر حيث سعى الماشية في مساحات واسعة، فضلًا عن تطور الكساء النباتي وظهور المستوطنات الخاصة بالبشر والتي بها مسلخ جذاب للزبالين وبالتالي ظهور الكائنات المفترسة.

وعلى الرغم من كل ذلك إلا أن توقعات عودة الضباع لمصر لا تزال ضعيفة حيث ارتفاع حالات قتل الرعاة لها وبالتالي بات عيشها في هذه المناطق أمرًا مستحيلًا.

وتضمنت الدراسة التي تم إجراؤها في صدد ذلك دعوة للخبراء لحماية البيئة والمراقبة الدائمة لحركة الضباع.