قد يبدو الحل بسيطًا جدًا: إذا كانت الدول بحاجة إلى المال لسداد ديونها أو دعم الفقراء أو حل مشكلة البطالة، فلماذا لا تقوم ببساطة بطباعة المزيد من الأوراق النقدية، لكن الحقيقة هي أن هذا الحل، بدلا من تحسين الاقتصاد، قد يؤدي إلى كارثة اقتصادية تسمى التضخم، وهو السبب الرئيسي الذي يمنع الحكومات من اللجوء إلى طباعة الأموال بلا قيود.
ما هو التضخم؟
التضخم هو الارتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار نتيجة زيادة المعروض النقدي دون وجود زيادة مقابلة في الإنتاج أو القيمة الاقتصادية، ببساطة إذا زاد عدد الأوراق النقدية في السوق دون زيادة كمية السلع والخدمات، فسترتفع الأسعار لأن قيمة المال ستنخفض، مما يؤدي إلى ضعف القوة الشرائية للعملة.
ما الذي يجعل المال ذا قيمة؟
لفهم المشكلة، علينا أن ندرك أن المال ليس له قيمة ذاتية، بل يحصل على قيمته من الثقة التي يمنحها الناس له، في الماضي كان المال يتمثل في سلع مثل الذهب والفضة، والتي لها قيمة جوهرية. ثم تحول العالم إلى المال التمثيلي، حيث كان يمكن استبدال العملات الورقية بالذهب في أي وقت، أما اليوم فأغلب الدول تعتمد على العملة الائتمانية (Fiat Money)، وهي عملة لا تدعمها أي سلعة مادية مثل الذهب، بل تستمد قيمتها من الثقة في الحكومة والاقتصاد.
إذا بدأت الدول بطباعة الأموال دون ضوابط، فإن هذه الثقة ستنهار، مما يجعل العملة تفقد قيمتها، كما حدث في دول مثل فنزويلا وزيمبابوي، حيث أدى طبع الأموال بكميات كبيرة إلى انهيار الاقتصاد وارتفاع الأسعار بشكل جنوني.
ماذا يحدث إذا قامت دولة بطباعة المزيد من الأموال؟
1. ارتفاع الأسعار بشكل جنوني: إذا حصل الجميع على أموال أكثر دون زيادة في الإنتاج، فسيرتفع الطلب على السلع والخدمات، مما يؤدي إلى رفع الأسعار بشكل كبير.
2. انخفاض قيمة العملة: عند طباعة كميات كبيرة من الأموال، تقل قيمتها مقارنة بالعملات الأخرى، مما يؤدي إلى انهيار سعر الصرف وزيادة تكلفة الاستيراد.
3. انهيار الاقتصاد: الدول التي طبعت أموالًا بلا قيود، مثل زيمبابوي في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، شهدت تضخمًا مفرطًا أدى إلى انهيار العملة تمامًا، مما جعل الناس يحتاجون إلى أكياس من النقود لشراء أبسط السلع.
هل هناك حالات يمكن أن تنجح فيها طباعة الأموال؟
في بعض الظروف الخاصة، يمكن للبنوك المركزية طباعة الأموال بشكل مدروس لدعم الاقتصاد، ولكن هذا يتم وفق سياسات نقدية دقيقة، مثل التيسير الكمي، الذي تستخدمه بعض الدول الكبرى لتحفيز الاقتصاد، ولكن بطريقة محسوبة وبالتنسيق مع النمو الاقتصادي والإنتاج.