في خطوة جرئية أحدثت جدلًا واسعًا وأثارت المخاوف الجيوسياسية والبيئية حيث عزمت الصين على بناء مشروع السد الخاص بالطاقة المتولدة من الماء، ولاقت الصين اتهامات عديدة حول التأثيرات التي يمكن أن يُحدثها هذا المشروع على دوران الأرض، كما أنه ربما يهدد استقرار المناطق الجغرافية، في حين عارضت بعض الدول بشكل قاطع تنفيذ هذا المشروع.
السد الصيني يثير مخاوف جيوسياسية وبيئية
تحدث دولة الهند عن دولة الصين المجاورة لها بأسلوب نقدي حيث وصفتها بالجارة السيئة، حيث قامت الصين في العام السابق بقبول قرار بناء السد الأكبر في العالم والخاص بالطاقة الكهرومائية، ولكن لم تولي الصين اهتمام بالحق الذي يجب أن يحصل عليه كل من دولة الهند وبنغلادش.
وهذا السد يتواجد على نهر “يارلونغ زانغبو” في التبت والذي أصبح اسمه “نهر براهمابوترا” بمجرد أن يصل إلى الهند كما يتدفق باتجاه بنغلادش، ويكمن مصدر قليل هاتين الدولتين أن النهر ربما يُحدث تأثيرًا كبيرًا حيث الحد من تدفق المياه إلى المواقع المتواجدة في الجزء السفلي من النهر.
وقامت وكالة ناسا مؤخرا بعمل دراسة جديدة مثيرة وهامة للغاية والتي كشفت عن وجود صلة قوية بين المشاريع الهندسية الضخمة ودوران الأرض والتي تتمثل في قيام هذا السد بتقليل معدل دوران كوكب الأرض بمعدل 6 من المائة ميكروثانية خلال اليوم الواحد.
وكل ذلك يحدث تزامنًا مع قيام الصين بترسيخ مكانة مميزة لها في قطاع الطاقة المتجددة عبر بناء السد الأكبر للطاقة الكهرومائية على مستوى العالم، واستقبلت دولتي الهند وبنغلادش هذا المشروع بالنقد والردود السلبية حيث سيحدث مجموعة من التأثيرات التي تلحق بالمجتمعات والنظم البيئية المتواجدة أسفل هذا النهر.
وفي شهر ديسمبر من عام 2024 اعتزمت الصين على بناء السد وتم تحديد الموقع الذي سيتم بناءه فيه بحيث يقع في منطقة الروافد السفلي لنهر يارولونغ زانغبو في هضبة التبت وذلك بهدف تحقيق أقصى استفادة من الانحدار الشديد للمياه حيث تنحدر لمسافة تبلغ ستة آلاف وخمسمائة وستون قدما في منطقة “المنعطف الكبير” مما يتيح إمكانات ضخمة لتوليد الطاقة الكهربائية.
وتتحدث وكالة “شينخوا الصينية” الخاصة بالأنباء أن هذا السد الخاص بالطاقة المتولدة من المياه سيعمل بنسبة كبيرة على تحقيق أهداف الدولة حيث تقليل نسبة الانبعاثات الكربونية المنبعثة إلى الصفر وذكرت أيضا أنه يساعد في حماية البيئة.
السد الصيني يثير غضب الهند وبنغلادش
من وجهة نظر الهند أن الصين تتجاهل مخاوفها تجاه بناء هذا السد وعلى الرغم من يبدو أن الصين ا لم تجري المحادثات كافية مع الدول المتأثرة قبل الموافقة على بناء هذا السد، وهذا دفع الهند للاعتراض المباشر على هذا القرار فور إعلانه ومن ثم انضمت إليها بنغلادش، وحذر كثير من النشطاء الهنود في قطاع البيئة عن قلقلهم من حساسية البيئة والمنطقة الجبلية التي تقع أسفل موقع السد، كما تحدثوا أن استغلال النهر وإحداث تأثيرًا على جريان المياه سيعرضان الولايات الشمالية الشرقية للهند إلى أضرار جسيمة، كما أن بنغلادش ستُعاني في المستقبل من عواقب هذا الأمر عندما يمر “نهر براهمابوترا” عبر الهند ومن ثم ينقسم إلى نهري “جامونا” و”براهمابوترا القديم”.
تطمينات الصين وقلق دول الجوار
وبعد أن قامت الهند بإعلان رفضها التام لهذا المشروع الذي سيعود عليها بأثار سلبية أطلقت الصين تطمينات لها، وأشار “راندير جايسوال” الناطق الرسمي باسم “وزارة الخارجية الهندية” إلى ضرورة مراعاة الصين لحقوق الدول الواقعة على مجرى النهر وأضاف أن الهند ستظل تُراقب مصالحها دائمًا واتباع الإجراءات اللازمة لحمايتها.
فيما خرجت الجهات الصينية المسؤول تؤكد على قيامها بإجراء دراسات علمية شاملة ودقيقة قبل الموافقة على قرار بناء السد، واكد “قوه جياكون” الناطق الرسمي باسم “وزارة الخارجية الصينية” أنه لم ينتج عن هذا المشروع أي عواقب سلبية سواء على النظام البيئي أو التكوينات الجيولوجية أو حقوق الدول الواقعة في المصب فيما يخص الموارد المائية، ولكن تظهر مخاوف أخرى من بناء السد ولذلك أصر الخبراء داخل الهند على موقفهم الذي يرفض بناء السد فيما تحدث “واي نيثياناندام” المسؤول عن برنامج البجوث الجغرافية المكانية أن “مؤسسة تاكشاشيلا” المتواجدة داخل بنغالورو أنه سيكون هناك كوارث أخرى إذا تم التمسك ببناء هذا المشروع حيث وجود احتمالية كبيرة لتعرض المنطقة المختارة لبناء السد إلى الخسف الأرضي، واستكمل أن الدراسة لبناء هذا المشروع الضخم على هذه التضاريس الصعبة سيكون له عواقب سلبية على الأماكن المتواجد أسفل النهر داخل الهند وبنغلادش تحديدًا إذا حدث تغيير في جريان المياه.
وأشار “نيثياناندام” إلى “زلزال التبت الأخير” الذي أسفر عنه مقتل مائة وستة وعشرون شخصًا وإلى احتمالية حدوث مثل هذه الكوارث في المنطقة وأكد أن هذا يعتبر تذكر بالتهديدات البيئية التي يمكن أن تنتج عن بناء هذا السد.
سد الصين يهدد الاستقرار الاقليمي
مخاوف عسكرية كثيرة أثارها الموقع المختار لبناء السد الصيني والذي يأتي بالقرب من الحدود المتنازع عليها مع “ولاية أورناتشال براديس” الهندسة والتي تطلق عليها الصين اسم “جنوب التبت”، فهذا المشروع يأتي في ظل عدم استقرار العلاقات بين الهند والصين تحديدًا بعد سحب قواتهما من مناطق حدودية تدور عليها نزاعات في أخر عام 2024، وهذا وصفه المحللون بحالة غياب الثقة بين الدولتين.