في عالم غارق في ضجيج الأخبار وسرعة الانتشار الرقمي، قد تمر أمامنا لحظات كثيرة دون أن تترك أثراً يُذكر، لكن بعض المواقف الإنسانية تباغتنا من حيث لا نتوقع، فتوقظ فينا شيئاً من الدهشة والانبهار، إحدى هذه اللحظات تجسدت في إجابة بسيطة لكنها عميقة لطالب صغير، لم يتعامل مع سؤال امتحان كمجرد واجب دراسي، بل كفرصة للتعبير عن احترامه وتوقيره لخالقه، لتصبح كلماته نبعاً من الجمال والأدب، وتشعل موجة من التفاعل الإيجابي عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
إجابة استثنائية تتجاوز المعايير
في امتحان اللغة العربية، طُلب من أحد طلاب المرحلة الابتدائية إعراب كلمة “خلق” في قوله تعالى: “خلق الله الإنسان من عجل”، كانت الإجابة المتوقعة أن يوضح أنها “فعل ماضٍ مبني للمعلوم”، لكن الطالب أشار فقط إلى أنها فعل ماضٍ، متجنبًا الإشارة إلى البناء للمجهول، وعلّل ذلك بحُسن أدب مع الله تعالى، إذ لا يليق – في نظره الطفولي المفعم بالاحترام – أن تُنسب إلى الله أفعال بصيغة توحي بالجهل بالفاعل. هذا الرد، رغم بساطته، كان كفيلاً بهز وجدان المصححين.
رد فعل المصحح ووسائل التواصل
أذهلت الإجابة المعلم المسؤول عن التصحيح، فدوّن على الورقة عبارة تقدير خالصة: “ممتاز، جزاك الله خيراً وبارك في علمك وتربيتك”، لم يكتفِ بذلك، بل شارك ورقة الطالب على صفحته الشخصية، لتلقى انتشاراً واسعاً بين المتابعين، الذين أبدوا إعجابهم الشديد بالتفكير الراقي للطالب وأدبه الجم، سرعان ما تحولت الورقة إلى رمز للتفوق الذي لا يُقاس بالدرجات فقط، بل أيضاً بالمواقف التي تعكس الأخلاق والتربية السليمة.
الإشادة المجتمعية وتقدير المبادئ
انهالت التعليقات المشجعة من المتابعين الذين اعتبروا الطالب مثالاً يحتذى في فهم القيم واحترام المقدسات، وطالب البعض بتكريمه رسمياً، لما حمله تصرفه من رسالة عميقة حول مكانة الأدب في التعبير، وانتشرت الدعوات لتبني هذا النوع من السلوكيات في المناهج التعليمية، لا سيما في ظل الفجوة المتزايدة بين المعرفة النظرية والقيم العملية في المدارس.
التعليم رسالة أخلاقية قبل أن يكون علمًا
تؤكد هذه الواقعة الجميلة أن المعلم، حين يؤدي دوره بروح المربي، يُحدث تأثيرًا لا يُنسى. فالمدرسة ليست فقط مكانًا لتحصيل الدروس، بل بيئة تُغرس فيها المبادئ وتُصقل فيها الشخصيات، والطالب، حين يُربى على الاحترام والذوق، يصبح كلماته مرآة لما تعلمه من بيته ومدرسته.