ليست كل الأسئلة اللغوية البسيطة كما تبدو، فاللغة العربية بما تحمله من دقة وثراء لا تنفك تفاجئنا بتفاصيل تُثير الجدل حتى بين أهل الاختصاص، ومن بين هذه القضايا سؤال جمع كلمة “سكر”، الذي قد يراه البعض تافهًا أو مباشرًا، لكنه كشف عن تشعبات لغوية ممتدة ووجهات نظر متباينة، تعكس مرونة اللغة وتعقيد بنيتها.
طبيعة الكلمة وأثرها في الصيغة
“سكر” تُصنّف ضمن أسماء المواد، أي أنها تُستخدم للدلالة على شيء يُكال أو يُوزن، ولا يُعدّ بالعدد، ولهذا السبب يرى أغلب النحويين أن جمعها غير وارد على النحو التقليدي، مثلها مثل “ملح” أو “طحين”، لكن حين يُراد التعبير عن التنوع أو تعدد الأنواع، فإن “سكريات” هي الأنسب، كونها تدل على أصناف السكر المختلفة كما في التعبيرات الغذائية أو العلمية.
وجهات نظر لغوية أخرى
رغم ما سبق، ظهرت صيغ أخرى مثل “أسكرة” أو حتى “سكور” في بعض المعاجم التراثية، ما يفتح الباب أمام احتمال قبولها في سياقات لغوية معينة، هذه الصيغ تعتمد على أوزان قديمة أو غير دارجة، لكنها لا تخلو من الأصالة، وهو ما يجعل المسألة محل اجتهاد.
السياق هو الحَكم
لا يمكن حسم الإجابة دون النظر إلى السياق: فإذا كان الحديث عن أنواع السكر، فإن “سكريات” تُعد أدق وأوضح، أما إذا كانت المسألة لغوية بحتة تُناقش في إطار الاشتقاق والصرف، فقد يكون لـ”أسكرة” أو “سكور” مكان بحسب القائل والمجال، وهكذا تؤكد اللغة العربية مرارًا أنها ليست فقط لغة قواعد، بل لغة احتمالات، تسمح بالتنوع دون أن تفقد هويتها.