سد النهضة الإثيوبي واحد من أكثر المشاريع المائية إثارة للجدل في قارة إفريقيا، حيث لم يكن مجرد مشروع تنموي، بل تحول إلى قضية سياسية واقتصادية شائكة بين إثيوبيا من جهة، ودولتي المصب، مصر والسودان، من جهة أخرى فمنذ بدء بنائه، واجه السد أزمات متعددة تتراوح بين خلافات دبلوماسية، ومخاوف بيئية، وصولا إلى تحديات فنية قد تؤثر على نجاحه في تحقيق الأهداف المرجوة.
أزمة الخلافات السياسية والدبلوماسية
- أحد أبرز الأزمات المرتبطة بسد النهضة هو الخلاف بين مصر والسودان من جهة، وإثيوبيا من جهة أخرى، حول حقوق المياه وآلية ملء وتشغيل السد، حيث ترى مصر أن السد يشكل تهديدا مباشرا لحصتها من مياه نهر النيل، التي تمثل شريان الحياة لأكثر من 100 مليون مصري. في المقابل، تصر إثيوبيا على حقها في الاستفادة من مواردها المائية لتوليد الكهرباء والتنمية الاقتصادية، معتبرة أن المشروع ضروري لمستقبلها.
- أما السودان، فبينما أبدى في البداية ترحيبه بالسد لكونه قد يساعد في تنظيم تدفق المياه، إلا أنه لاحقا عبر عن مخاوف من تأثيراته السلبية على سدوده وأراضيه الزراعية، خاصة في ظل غياب اتفاق ملزم يضمن تشغيل السد بطريقة آمنة.
أزمة الملء والتشغيل
تعد أزمة مراحل ملء السد وتشغيله من أخطر النقاط الخلافية، حيث قامت إثيوبيا بتنفيذ مراحل التعبئة الأولى والثانية دون اتفاق ثلاثي ملزم، مما أثار قلقا كبيرا في دولتي المصب، المخاوف تتزايد بشأن تأثير السد على تدفق المياه إلى مصر والسودان خلال فترات الجفاف، حيث قد يؤدي ذلك إلى نقص المياه وتهديد الزراعة وإمدادات الكهرباء.
المشكلات الفنية والبيئية
بالإضافة إلى الأزمات السياسية، يواجه سد النهضة تحديات فنية قد تؤثر على كفاءته واستدامته، هناك تقارير تفيد بوجود تشققات في جسم السد، مما قد يسبب مخاطر جسيمة على المنطقة المحيطة به في حال حدوث أي انهيار، كما أن هناك تحذيرات من تأثيراته البيئية على النظم المائية والتوازن البيئي لنهر النيل.
ما هو المستقبل؟
لا يزال مستقبل سد النهضة غامضا، حيث تستمر المفاوضات دون الوصول إلى اتفاق شامل يرضي جميع الأطراف، وبينما تؤكد إثيوبيا مضيها قدما في المشروع، تواصل مصر والسودان الضغط عبر المسارات الدبلوماسية، وحتى التلويح بخيارات أخرى لحماية حقوقهما المائية.
ختاما، تظل أزمة سد النهضة واحدة من أكبر التحديات التي تواجه المنطقة، حيث يحتاج الحل إلى توافق دولي وإقليمي يوازن بين حق إثيوبيا في التنمية، وحقوق مصر والسودان في الحفاظ على مواردها المائية.