في عالم الطبيعة المليء بالمفاجآت، يظهر بين الحين والآخر مرض غامض يثير الذعر بين العلماء ومحبي الحياة البرية. أحد هذه الأمراض هو “مرض الهزال المزمن” (Chronic Wasting Disease – CWD)، والذي يُطلق عليه إعلاميًا “مرض زومبي الغزلان”، نظرًا لأعراضه الغريبة التي تحوّل الغزلان المصابة إلى كائنات تتصرف كأنها خارجة من أفلام الرعب.
ما هو مرض زومبي الغزلان؟
يُصنف مرض الهزال المزمن ضمن الأمراض البريونية، وهي مجموعة نادرة من الأمراض العصبية التي تصيب الجهاز العصبي للحيوانات والبشر. ينتج المرض عن بروتينات شاذة تُعرف بالبريونات، والتي تدمر الدماغ ببطء، مما يؤدي إلى تغيرات سلوكية مقلقة تشمل:
- فقدان الخوف الطبيعي من البشر والمفترسات.
- تيه وارتباك واضح أثناء الحركة.
- سيلان اللعاب المفرط وفقدان القدرة على الأكل بشكل طبيعي.
- نظرات شاردة وسلوكيات غير طبيعية، وكأن الغزال أصبح “زومبي” حقيقي.
كيف ينتشر المرض؟
تكمن خطورة هذا المرض في قدرته على الانتشار بسهولة، إذ يمكن أن ينتقل بين الغزلان عبر اللعاب، والبول، والبراز، وحتى التربة والنباتات التي تلوثت بالبريونات المعدية. وتكمن المشكلة في أن هذه البريونات لا تتفكك بسهولة، بل يمكن أن تبقى نشطة في البيئة لسنوات، مما يزيد من احتمالية انتقال العدوى وانتشارها بين القطيع.
هل يشكل خطرًا على البشر؟
حتى الآن، لم تُسجل أي حالات مؤكدة لانتقال مرض الهزال المزمن إلى البشر، لكن العلماء لا يستبعدون إمكانية حدوث ذلك يومًا ما، خاصة وأن أمراضًا بريونية أخرى، مثل “مرض جنون البقر”، انتقلت إلى البشر في الماضي. لهذا السبب، تحذر السلطات الصحية من تناول لحم الغزلان في المناطق التي ينتشر فيها المرض دون فحصه مسبقًا.
هل هناك علاج؟
للأسف، لا يوجد علاج أو لقاح لهذا المرض حتى الآن، مما يجعله حكمًا بالإعدام على أي غزال يُصاب به. يواصل الباحثون دراسة المرض وفهم آليته، لكن حتى الآن، تبقى الإجراءات الوقائية، مثل مراقبة انتشار العدوى وتقليل الكثافة السكانية للغزلان في المناطق الموبوءة، هي الحل الوحيد للحدّ من تفشيه.
هل نحن أمام خطر بيئي جديد؟
يُعد مرض زومبي الغزلان تهديدًا خطيرًا للنظام البيئي، لأن انتشاره يمكن أن يؤدي إلى انخفاض أعداد الغزلان، مما يؤثر على التوازن الطبيعي للحياة البرية. كما أن غموض المرض واحتمالية انتقاله إلى أنواع أخرى من الحيوانات (وربما البشر) يثير قلق العلماء، الذين يرون أن الأمر يحتاج إلى مزيد من البحث والدراسة العاجلة.
في النهاية، بينما قد تبدو فكرة “غزلان زومبي” وكأنها مشهد من فيلم خيال علمي، إلا أن الواقع قد يكون أكثر رعبًا، حيث يتقدم المرض بصمت، دون علاج أو رادع، تاركًا خلفه قطيعًا من الحيوانات التي تتحول إلى أشباح هائمة في البرية.