من بين أكثر الأسئلة التي حيّرت البشرية على مر العصور، يبرز سؤال بسيط في ظاهره، لكنه عميق في مضمونه: من جاء أولًا، البيضة أم الدجاجة؟، وقد يبدو سؤال للوهلة الأولى أقرب إلى نكتة فلسفية، لكنه في الواقع يحمل في طياته أبعادًا علمية وتاريخية مذهلة، فالإجابة لا تعتمد فقط على المنطق، بل تحتاج إلى العودة عبر ملايين السنين، إلى أزمنة سادت فيها الديناصورات، وتشكّلت فيها اللبنات الأولى للحياة كما نعرفها اليوم، لذلك دعونا نغوص في هذا الجدال الأزلي، ونستعرض ما يقوله العلم، بعيدًا عن الفرضيات المتداولة.
البيضة الأول ولا الكتكوت
- تشير الأدلة العلمية إلى أن البيض، وتحديدًا البيض ذو القشرة الصلبة، وُجد قبل ظهور الدجاج بمئات الملايين من السنين.
- ويقول العلماء إن أولى البيوض وضعتها الزواحف المبكرة خلال العصر الكربوني، أي قبل نحو 300 مليون سنة، وربما كانت ناعمة القشرة كما هو حال بيض الزواحف الحديثة مثل الثعابين.
- وفي وقت لاحق، خلال العصر الجوراسي المبكر، بدأت الديناصورات في وضع بيض صلب القشرة، مشابه في تركيبه إلى حد كبير ببيض الطيور والسحالي في يومنا هذا.
- ومن بين أبرز الاكتشافات الحديثة، موقع أثري احتوى على أكثر من 250 بيضة لديناصورات من نوع “تيتانوصور”، ما يدل على أن هذه الكائنات كانت تتكاثر جماعيًا بطريقة تشبه الطيور الحديثة.
قصة الدجاجة وكيف بدأت
أما بالنسبة للدجاج فإن تاريخه أكثر تواضعًا بكثير حيث يعود أصل الدجاج المنزلي إلى طائر بري يُعرف باسم “دجاج الغابة الأحمر” (Gallus gallus)، الذي تطوّر منذ حوالي 50 مليون سنة ومع ذلك، لم تبدأ رحلة الدجاجة إلى الاستئناس إلا قبل بضعة آلاف من السنين فقط، كما تشير أبحاث حديثة إلى أن البشر بدأوا تدجين هذه الطيور في جنوب شرق آسيا، تحديدًا بين عامي 1650 و1250 قبل الميلاد، ما يعني أن عمر الدجاجة المستأنسة لا يتجاوز 3500 سنة.
البيضة الأول ولا الكتكوت
- بحسب الباحثة في علم الطيور القديمة، الدكتورة إلين ماثر، فإن البيضة سبقت الدجاجة بلا شك، سواء كنا نتحدث عن البيض بشكل عام أو حتى بيض الطيور على وجه التحديد.
- فحتى أقدم بيضة معروفة وضعتها طيور يُعتقد أنها تطوّرت من الديناصورات تعود إلى ما قبل 127 مليون سنة، أي قبل ظهور الدجاجة بقرون.
- إذن، من الناحية العلمية والتطورية، لا مجال للشك أن البيضة جاءت أولًا، والدجاجة جاءت لاحقًا كمحصلة لسلسلة طويلة من التطور الطبيعي.