هل دفعت ثمن شجاعتها؟ حقيقة فصل شركة مايكروسوفت المهندسة ابتهال أبو سعد بعد اتهاماتها للشركة

في لحظة نادرة تكسرت فيها قيود الصمت داخل واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم، خطفت المهندسة ابتهال أبو سعد الأضواء بتصرف شجاع وغير مسبوق، حينما وقفت أمام حشد من كبار المسؤولين التنفيذيين في شركة مايكروسوفت، وصرخت في وجههم: “عار عليكم!”، موجهة اتهامات مباشرة للشركة بالمشاركة التقنية في الإبادة الجارية بحق المدنيين في غزة.

الصرخة التي أربكت الاحتفال

لم يكن الاحتفال السنوي لمايكروسوفت مجرد مناسبة لاستعراض النجاحات والابتكارات، بل تحول إلى منصة فضح علني، بعدما قطعت أبو سعد – المهندسة التي تعمل بالشركة – الحدث، الذي حضره رموز عملاق التكنولوجيا: بيل جيتس، ستيف بالمر، والرئيس التنفيذي الحالي ساتيا ناديلا. وقفت بشجاعة، وسط ذهول الحاضرين، واتهمت الشركة باستخدام تقنياتها لدعم العدوان الإسرائيلي، كاشفة عن تورط الذكاء الاصطناعي الذي تطوره مايكروسوفت في تحديد أهداف القصف في غزة ولبنان.

انتشار فيديو الحادثة والعالم يراقب

اللحظة لم تمر مرور الكرام. فبعد ثوانٍ من صرخة ابتهال، بدأ مقطع الفيديو الذي وثق احتجاجها ينتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حاصدًا ملايين المشاهدات ومثيرًا موجة تضامن واسعة من نشطاء ومؤسسات حقوقية حول العالم. اعتبرها كثيرون “صوت الضمير” داخل الشركة، وامتدادًا لصرخات الأبرياء تحت القصف.

مصير غامض في انتظار الشجاعة

رغم أن الشركة لم تُصدر بيانًا رسميًا بشأن الواقعة حتى الآن، إلا أن ابتهال أبو سعد أكدت في تصريح لوكالة “أسوشيتد برس” أنها لم تتلق أي تواصل من إدارة مايكروسوفت بعد الحادثة، ومع ذلك، أشارت إلى أنها وزميلها “فانيا أجروال” – الذي شاركها الاحتجاج – فقدا الوصول إلى حساباتهما الوظيفية، ولم يتمكنا من تسجيل الدخول مجددًا، ما يرجح أن الشركة اتخذت خطوات غير معلنة نحو فصلهما أو تجميد وضعهما الوظيفي.

تقنيات الذكاء الاصطناعي بين الابتكار والقتل

الجدل حول استخدام تكنولوجيا الشركات الكبرى في الحروب ليس بجديد، لكن التحقيق الذي نشرته وكالة “أسوشيتد برس” مطلع هذا العام، ألقى الضوء على الدور الحاسم الذي تلعبه تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي التابعة لمايكروسوفت وشريكتها “أوبن إيه آي” في العمليات العسكرية الإسرائيلية، خاصة في اختيار الأهداف بدقة خلال الضربات الجوية، وكشف التحقيق عن غارة عام 2023 أدت إلى مقتل ثلاث طفلات وجدتهن في لبنان نتيجة استهداف سيارة كانت تقلّهن.

أصوات تتحدى الصمت المؤسسي

قضية ابتهال أعادت تسليط الضوء على موقف موظفي الشركات العملاقة من القضايا الإنسانية، فبينما تلتزم الإدارات بالصمت أو المراوغة، يتجرأ بعض الموظفين على كسر حاجز الخوف، وتُعد صرخة ابتهال نموذجًا نادرًا لمقاومة من الداخل، في وقتٍ تزداد فيه الضغوط على الشركات الكبرى لمراجعة سياساتها وأوجه تعاونها غير المباشر مع جهات عسكرية.