تعد هذه العملات، التي كانت في وقتٍ ما ضمن أساسيات الحياة اليومية، رموزا مالية وثقافية لا تزال حاضرة في وجدان المجتمع رغم اندثارها من المعاملات الحديثة، ومجرد ذكر أسمائها يعيد إلى الأذهان صور الأسواق القديمة والبقالة والحوانيت و”قرش الصاغ” الذي كان له وزنه الحقيقي في حياة الناس.
الشلن: نصف جنيه من الذاكرة
يمثل “الشلن” قيمة نقدية تساوي خمسة قروش، أي ما يعادل نصف العشرة قروش أو ما كان يعرف بجزء من الجنيه، وقد اكتسب شهرة واسعة في القرن العشرين، وكان يستخدم في شراء حاجيات يومية بسيطة، كالصحف والحلوى والمواصلات، في زمن كانت فيه هذه المبالغ تحدث فارقا حقيقيا.
البريزة: عشرة قروش بطابع شعبي
“البريزة” هو الاسم المتداول بين المصريين لعملة العشرة قروش، وتعود التسمية على الأرجح لأصول أجنبية (تركية أو إيطالية)، تداولها الناس بكثرة، واستخدموها في معظم تعاملاتهم اليومية، وكانت تحتل مكانة خاصة، لا لكونها الأعلى قيمة، بل لأنها رمز لزمن لم تكن فيه الأسعار تنهش الجيوب كما اليوم.
خمسون قرشا: من ورق إلى معدن
أما عملة الخمسين قرشا، فقد ظهرت في البداية كورقة نقدية تحمل تصاميم وطنية وتاريخية، ثم تحولت إلى عملة معدنية بعد ذلك، ولا تزال حتى اليوم تستخدم في بعض المعاملات المحدودة، ولكن قيمتها الشرائية لم تعد كما كانت، مع ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع القدرة الشرائية للعملات الصغيرة.
تحولات نقدية وشاهد حي على الزمن
رغم أن هذه العملات لم تعد ذات فاعلية اقتصادية، فإنها لا تزال تحظى بمكانة لدى جامعي العملات وهواة التراث، بعض العملات القديمة، خاصة التي تعود لعصر الملكية أو بدايات الجمهورية، تباع اليوم بأضعاف قيمتها الأصلية، وتعرض في المزادات ومعارض التراث النقدي.
تشكل عملات مثل الشلن والبريزة والخمسين قرشا فصولا صغيرة في كتاب التاريخ المصري، فصولا تنبض بذكريات الأجيال القديمة، وتذكرنا بأزمنة كانت فيها البساطة تحكم الحياة، ومع تطور أنظمة الدفع وتبدل قيمة النقود، تبقى تلك العملات علامات راسخة من ماضٍ لم يفقد بريقه بعد.