مترو الهرم يشهد تطورًا كبيرًا في قطاع النقل الجماعي في مصر، حيث يتم تنفيذ العديد من المشروعات العملاقة في الوقت الراهن. من بين هذه المشروعات، يُعد مشروع الخط الرابع لمترو الأنفاق، المعروف باسم “مترو الهرم”، في مقدمة هذه المشروعات القومية التي تستهدف تطوير البنية التحتية وتعزيز شبكات المواصلات داخل القاهرة الكبرى.
يُعد هذا المشروع الحيوي بمثابة شريان جديد يربط بين مناطق ذات كثافة سكانية مرتفعة مثل الهرم وفيصل والعمرانية والجيزة، ويمتد ليصل إلى القاهرة الجديدة، مرورًا بأهم المعالم التاريخية والثقافية، مثل المتحف المصري الكبير. كما يتكامل هذا الخط مع باقي خطوط المترو والقطار الكهربائي الخفيف، ليحقق نقلة نوعية في منظومة النقل العام، ويُسهم بشكل فعّال في تخفيف التكدس المروري وتحسين جودة الحياة اليومية للمواطنين.
يُعد مترو الهرم من أبرز المشروعات القومية التي تنفذها وزارة النقل بهدف تطوير وسائل النقل الجماعي داخل القاهرة الكبرى، وتعزيز الاعتماد على المترو كوسيلة فعالة وسريعة وصديقة للبيئة. يمتد الخط الرابع من مترو الأنفاق بطول إجمالي 42 كيلومترًا، ويضم 39 محطة، ويُنفذ على مرحلتين رئيسيتين، تغطيان مناطق سكنية وتجارية وسياحية هامة. ويُتوقع أن يستوعب المشروع بعد اكتماله حوالي 1.5 مليون راكب يوميًا، ما يعكس أهميته في تقليل الاعتماد على السيارات الخاصة ووسائل النقل التقليدية.
تفاصيل المرحلة الأولى من مترو الهرم تمتد على مسافة 19 كيلومترًا، وتضم 17 محطة رئيسية، تبدأ من محطة “حدائق الأشجار” في مدينة 6 أكتوبر، مرورًا بمحطات مثل “حدائق الأهرام”، و”المتحف المصري الكبير”، و”ميدان الرماية”، ثم تمتد عبر شارع الهرم حتى محطة “الجيزة”، حيث يتقاطع الخط مع الخط الثاني للمترو، ليواصل طريقه إلى محطة “الملك الصالح”، ومنها إلى محطة “الفسطاط” بمنطقة مصر القديمة.
يُعد هذا الامتداد من أبرز عناصر التكامل بين خطوط المترو المختلفة، مما يسهل تنقل المواطنين بين أحياء القاهرة الكبرى المختلفة دون الحاجة لاستخدام وسائل مواصلات متعددة.
أما المرحلة الثانية، فتمتد بطول 23 كيلومترًا وتضم 22 محطة، تبدأ من محطة “الفسطاط” وتستمر عبر شارع صلاح سالم وطريق النصر، مرورًا بمدينة نصر ونادي المقاولون العرب، وصولًا إلى “مركز النقل المجمع” شمال تقاطع الطريق الدائري مع طريق القاهرة–السويس، وتخدم مناطق مهمة مثل الرحاب والقاهرة الجديدة.
شهدت المناطق المحيطة بشارع الهرم والجيزة تكدسات مرورية ملحوظة في الفترة الماضية بسبب أعمال الإنشاءات، حيث تم إغلاق أجزاء من الشارع لتنفيذ محطات المترو. وقد تسبب هذا في صعوبات مرورية يومية للسكان، مما دفع وزارة النقل إلى تكثيف العمل وتسريع الجدول الزمني لإنجاز المشروع.
بحسب أحدث التقارير الصادرة عن وزارة النقل، تم إنجاز نسب متفاوتة في عدد من المحطات المهمة:
– محطة الأهرامات: تم تنفيذ نحو 34% من الأعمال المدنية.
– محطة المتحف المصري الكبير: بلغت نسبة الإنجاز 42%.
– محطة الرماية: وصلت نسبة التنفيذ إلى 37%.
– تم الانتهاء بنسبة 83% من أعمال إعادة الشيء لأصله في محيط المتحف المصري الكبير، تزامنًا مع الاستعدادات لافتتاحه.
أكد الفريق كامل الوزير، وزير النقل، أن مشروع مترو الهرم هو أحد أكبر مشروعات النقل التي تشرف عليها الوزارة، ويشمل:
– 37 محطة نفقية
– محطة سطحية واحدة
– محطة علوية واحدة
كما أشار إلى أن تنفيذ الأعمال في الجزء الغربي من المرحلة الأولى يسير بسرعة، حيث تم إنجاز 29% من الأعمال المدنية. وتُستخدم حاليًا أربع ماكينات حفر نفقية لتنفيذ النفقين في وقت متزامن، بما يضمن سرعة الإنجاز والالتزام بالخطة الزمنية المحددة.
يتكامل مشروع مترو الهرم مع مشروع القطار الكهربائي الخفيف (LRT)، الذي يمتد من الرحاب حتى العاصمة الإدارية الجديدة. وتهدف وزارة النقل إلى خلق شبكة نقل متكاملة تغطي مختلف أنحاء القاهرة الكبرى، من خلال الربط بين خطوط المترو والقطار الكهربائي، وهو ما يسهل حركة الانتقال بين المدن الجديدة والمناطق القديمة دون عناء.
يتم تنفيذ مشروع القطار الكهربائي بالتعاون بين الهيئة القومية للأنفاق وشركة “أفيك إنترناشيونال” الصينية، ما يعزز الشراكات الدولية في قطاع النقل المصري.
لا تقتصر أهمية مترو الهرم على تسهيل التنقل وتخفيف الزحام، بل يمتد تأثيره ليشمل الجوانب الاقتصادية والبيئية، حيث:
– يُعزز الحركة الاستثمارية والتجارية في المناطق المحيطة بالمحطات، خاصة المتحف المصري الكبير وميدان الرماية.
– يُسهم في خفض استهلاك الوقود والاعتماد على السيارات الخاصة.
– يُقلل من معدلات التلوث الهوائي، مما يحقق تحسنًا بيئيًا ملحوظًا على المدى الطويل.
من المتوقع أن يتم الانتهاء من تنفيذ المرحلة الأولى من مترو الهرم بحلول عام 2026، حيث تسير الأعمال بوتيرة متسارعة للالتزام بالجدول الزمني المحدد. ويُنتظر أن يساهم تشغيل المترو في إعادة الانسيابية لحركة المرور وتحسين الحياة اليومية لسكان الجيزة والمناطق المحيطة.