لطالما ارتبطت الخطورة في أذهان الناس بكائنات مثل التماسيح والأفاعي، إلا أن دراسات علمية حديثة كشفت عن مفترس آخر لا يقل ضراوة عنها، بل وربما يفوقها فتكًا؛ إنه تنين الكومودو، أكبر أنواع السحالي على سطح الأرض، والذي يعيش في الجزر الإندونيسية، ويُعد واحدًا من أكثر الكائنات غموضًا وإثارة للاهتمام في عالم الحيوان.
قدرات خارقة تكشفها الأبحاث الجينية
في دراسة نُشرت بمجلة Nature Ecology & Evolution، تمكن فريق من العلماء من فك شفرة الجينوم الخاص بتنين الكومودو بإستخدام عينات دم من أحد الأفراد الموجودين في حديقة حيوان أتلانتا الأمريكية وتبين من خلال تحليل الحمض النووي وجود تعديلات جينية نادرة، تمنحه قدرات فريدة، من بينها زيادة كبيرة في معدل التمثيل الغذائي، وهي سمة عادةً ما ترتبط بالثدييات، وليس الزواحف.
ويفسر هذا الاكتشاف قدرة تنين الكومودو على الحركة السريعة والانقضاض على فرائسه بضراوة، بالرغم من ضخامته، إذ يبلغ طوله قرابة ثلاثة أمتار، ويمتلك أطرافًا قوية، وأسنانًا حادة كالسكاكين، ولسانًا متشعبًا يُضفي عليه مظهرًا مرعبًا.
سمّ قاتل وقوة عضلات مذهلة
ليس حجمه الضخم وسرعته الفائقة فقط ما يثير الإعجاب، بل أيضًا امتلاكه سمًا قويًا يمكنه من قتل فرائس كبيرة مثل الجاموس المائي، حيث يفرز لعابًا يحتوي على مواد تمنع تجلط الدم وتسبب صدمة دموية للفريسة، ما يجعل الهروب مستحيلاً.
ويُعزى ذلك إلى تكيفات جينية تمكِّن الكومودو من تحسين وظائف القلب والعضلات، بحسب ما أوضحه الدكتور “بينوا برونو”، مدير معهد “جلادستون” لأمراض القلب والأوعية الدموية بجامعة كاليفورنيا، والذي وصف تنين الكومودو بأنه “مفترس فريد يعيش في عزلة جغرافية، ويمثل نموذجًا مثاليًا للتنوع البيولوجي”.
كائن من عصر الديناصورات يواصل الإبهار
تنين الكومودو، الذي يعيش في جزر معزولة مثل جزيرة كومودو الإندونيسية، يبدو وكأنه ناجٍ من عصر الديناصورات، يحتفظ بخصائص مفترسة مذهلة، ويمثل أحد أعاجيب الطبيعة ومع تطور الأبحاث الجينية، قد تكشف السنوات القادمة المزيد من أسراره التي ما زالت دفينة تحت جلده السميك ولسانه المتشعب.