تشهد المملكة العربية السعودية تحولا جذريا في سياسات سوق العمل ضمن رؤيتها الاستراتيجية للمستقبل حيث بدأت السلطات في تسريع وتوسيع عمليات التوطين بشكل غير مسبوق وهو ما أثر بشكل مباشر على أوضاع آلاف المغتربين خصوصا من الجنسيات العربية وعلى رأسهم المصريون القرار الذي صدر ضمن مساعي تنفيذ رؤية 2030 يهدف إلى تقليص الاعتماد على الأيدي العاملة الوافدة ومنح الأفضلية في الوظائف للمواطنين السعوديين وهو ما أحدث حالة من الصدمة والقلق بين فئات كبيرة من العمالة المقيمة والتي باتت تواجه مستقبلا غير واضح المعالم.
المجالات المستهدفة في خطط التوطين وآلية التنفيذ
التغيرات التي تطبقها وزارة الموارد البشرية شملت عددا من القطاعات الحيوية التي طالما كانت تعتمد على المغتربين بشكل أساسي ومن أبرزها وظائف إدارة المشاريع والمبيعات والمشتريات والتسويق وتتم عملية التوطين على مراحل مدروسة تبدأ بالقطاعات الأكثر جاهزية لاستيعاب السعوديين ثم تنتقل تدريجيا إلى مجالات أخرى قد تشمل في المستقبل قطاعات خدمية وصناعية جديدة ووفقا لمصادر مطلعة فإن نسبة التوطين في بعض الوظائف وصلت إلى خمسين بالمئة في بعض المناطق وهو ما يعني أن عددا كبيرا من المقيمين سيجدون أنفسهم خارج دائرة التوظيف خلال الأشهر القادمة.
تحديات المغتربين وخيارات محدودة أمام المستقبل
مع تصاعد وتيرة تنفيذ التوطين بات الكثير من المغتربين في السعودية أمام خيارات محدودة فإما العودة إلى بلادهم بعد فقدان مصدر الدخل أو محاولة الانتقال إلى دول أخرى توفر فرص عمل مثل الإمارات أو قطر أو حتى بعض دول أوروبا وهناك من يحاول التكيف من خلال البحث عن وظائف في قطاعات لم تصلها بعد قرارات التوطين إلا أن هذه المجالات تبقى قليلة وتتطلب مهارات نوعية لا تتوفر للجميع ويزيد من تعقيد الوضع التحديات المرتبطة بتجديد الإقامات وتصاريح العمل والتي أصبحت أكثر صرامة خلال الفترة الأخيرة مما جعل كثيرين يلجأون إلى خيار الخروج النهائي بشكل اضطراري بعد سنوات من الاستقرار والعمل في المملكة.