معاناة البحث عن علبه دواء

زيادات كبيرة فى قائمة نواقص الأدوية.. واختفاء المضادات الحيوية والأنسولين وأدوية الضغط و السكر

المواطنون يشكون.. وصيادلة: نقف عاجزين أمام دموع المرضى الباحثين عن دواء

 

هيئة الدواء: تسعير الدواء يتم بطريقة عادلة.. ونقص الأدوية حالة مؤقتة

الوزير يعتذر للمصريين.. ويؤكد: ضيوف مصر من غزة والسودان أثروا على الإنتاج

 

 

ما الذى يحدث فى سوق الدواء المصري؟.. سؤال يفرضه الواقع المؤلم لحال الدواء، والذى صار أشبه بعملية قتل مع سبق الإصرار لملايين المرضى.

 فبعد أن ارتفعت أسعار أغلب الأدوية، واضطر ملايين المرضى إلى  القطع من قوتهم وقوت أولادهم لشراء الدواء، ولسان حالهم يقول: «غالى موجود أفضل من رخيص غائب».

بعد ذلك  جاءت الطامة الكبرى باختفاء عدد كبير من أصناف الأدوية، يبحث المرضى عنها ليلا نهارا ويسأل عنها فى العديد من الصيدليات والإجابة واحدة فى كل الصيدليات «الصنف ناقص ومش موجود».

قائمة نواقص الأدوية شملت أدوية الإسهال والمضادات الحيوية وأدوية الالتهابات والبروستاتا بجانب أدوية الغدة والسكر والضغط والقلب.

  ولأن هناك اعتقاد عام عند المصريين وهو أن صيدلية الإسعاف بوسط القاهرة بها جميع الأدوية، يتوافد على تلك الصيدلية آلاف المصريين يوميا منذ الصباح الباكر يقفون فى طوابير طويلة طلبا لدواء معين ولكن فى معظم الحالات لا تتوافر تلك الأدوية حتى فى صيدلية الإسعاف.

«الوفد» رصدت  جانبا من معاناة المرضى الباحثين عن عبوة الدواء.

قالت ولاء محمد -ربة منزل- إن نقص الأدوية وزيادة سعرها بشكل كبير أصبح عبئا على المريض ويجب توفير الدواء واعتباره أمن قومى للحفاظ على صحة الإنسان.

وتابعت: «عدت علينا أزمات كثيرة ومنها قطع الكهرباء، وزيادة أسعار السلع وكل حاجة بتعدى لكن العلاج عشان تكون ماشى على نوع معين تفضل تلف عليه ومش موجود ومش عارف تاخد بديل.. طب الناس هتعمل أيه ومفيش بيت حاليا فى مصر إلا لو ماشى بالعلاج كبار وشباب وأطفال».

 وتساءل ماجد فوزى -موظف- مستنكرا هل يعقل أن تعانى دولة طويلة عريضة عدد سكانها يزيد عن 100 مليون نسمة غير الضيوف من نقص فى المضادات الحيوية الأساسية؟ أصناف مثل أوجمنتين وهاى بيوتك مش موجودة فى الصيدليات!! طيب افرضوا حصلت حالة طوارئ ولا كارثة طبيعية -لا قدر الله فى البلد- ميبقاش فيه أهم علاج للتعامل مع الإصابات والجروح!

التقط سيد محمد طرف الحديث غاضبا من نقص الدواء وقال: «هناك نقص كامل فى أدوية المضادات الحيوية والأنسولين بأنواعه وأدوية الضغط سواء عالى أو منخفض وأدوية السكر وفيتامين B ، العجز فى أغلب صيدليات مصر، الناس مش لاقية علاج.

 وقال طبيب صيدلى -طلب عدم ذكر إسمه-: لما يكون سوق الأدوية بدون مضادات حيوية، أين الاوجمنتين بعد أن زاد سعره ٣ مرات متتالية؟ أين بقية أصناف المضادات الحيوية المتشابهة والمتماثلة لنفس المادة الفعالة؟.. كلها لا توجد!!.

وتابع آخر قائلاً: «أنا أول مرة من ٢٤ سنة اشوف أزمة دواء فيها الصيدلى مش لاقى علبة أنسولين (مستورد) لوالده أو دواء سخونة (شراب) لأبنه أو قرص إسهال لصاحبه.. مش المريض اللى مش لاقي.. الصيدلى كمان مش لاقى».

وانتقد طبيب آخر اختفاء الدواء من الصيدليات وتساءل مستنكرا: أين أدوية الضغط المنخفض سواء نقط أو أقراص يعنى فين الميدودرين والكوراسور والفاسكون  والكورتيلون؟!!.

أين أدوية الضغط العالى الكونكور بكل تركيزاته وأنواعه؟!. أين الانتينال والاستربتوكين كبسولات وأقراص؟.. أين أدوية مضادات الالتهابات الالفنتيرن والامبزيم؟!!.

أين حقن الأنسولين.. وأدوية السكر؟ أين أدوية علاج الغدة الدرقية؟.. أين حقن التيتانوس؟.. أين حقن بنج الأسنان؟.. أين لبوسات الالتهاب؟..

أين أدوية البروستاتا؟.. أين أدوية السكر جلوكوفانس وجليبوفورمين .. والأدوية اللى الناس ماشية عليها من سنين؟.

وتابع: «نعمل أيه مع المريض اللى بيبكى أمامنا لما نقول مفيش الدواء اللى بيسأل عليه؟.. بصراحة مهنة الصيدلة أصبحت صعبة ناهيك أن زيادة الدواء أكثر من مرة أثقلت كاهل الناس التى ليس لها مصدر غير المعاش تأكل منه وتعالج وتدفع كهرباء ومياه وسكن،  صناعة الدواء لا يمكن أن تدار بهذه الطريقة».

اعتذار الوزير

أكد الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس الوزراء، ووزير الصحة والسكان، أن ملف الدواء جزءا من الأمن القومى المصري، وتأثر كأى سلعة بها مكونات دولارية خلال العام والنصف الأخير فى ظل وجود أزمات عالمية.

واعتذر الوزير للمواطنين عن نقص بعض الأدوية فى الأسواق خلال الفترة الأخيرة، مؤكدا أنه خلال الشهور القليلة القادمة لن يكون هناك نقص فى الأدوية المستوردة أو المحلية، حيث بدأ استيراد المواد الخام لإعادة تشغيل الإنتاج وسيتم بالتعاون مع الفريق كامل الوزير للاهتمام بصناعة الدواء.

وتابع فى تصريحات متلفزة إنه: «منذ بداية الأزمة وعلمنا بعدم وجود عملة تغطى الاحتياجات، تم وضع أولويات حتى لا يشعر المواطن بوجود نقص، مؤكدا أن الضيوف من غزة والسودان أثرت على مستلزمات الإنتاج وأساسيات صناعة الدواء من المواد الخام».

وأضاف: كانت هناك نواقص فى بعض أنواع الأدوية، ولكن يوجد أدوية بديلة أو مثيلة وهذه ثقافة غير معتمدة لدينا عند الكثيرين، ففى حال عدم وجود الدواء الذى كتبه الطبيب يقولون عليه ناقص.

وواصل: مصر أرخص دولة فى العالم فى الدواء، وغير القادر لا يتأثر بارتفاع أسعار الدواء، مضيفا أن الدولة توفره له وصناعة الدواء المصرية تغطى 95 % من الاحتياجات.

وأكمل: هناك 69 مليون مواطن مؤمن عليه فى منظومة التأمين الصحى الموجودة منذ ستينيات القرن الماضي، يضاف عليهم المستفيدين من قرارات العلاج على نفقة الدولة.

9 مراحل للتسعير

وقال الدكتور على الغمراوى، رئيس هيئة الدواء، إن الدولة تدعم توفير الاحتياجات الدوائية للمريض على ضوء توجيهات القيادة السياسية باعتباره أولوية، مؤكداً أن الدواء المصرى يتمتع بأعلى معايير الجودة التى تضمن فاعليته ومأمونيته على المريض.

وأكد «الغمراوى» أن تسعير الدواء يتم بطريقة عادلة، ويخضع لـ9 مراحل قبل إقرار أى زيادات، موضحا أن نقص الأدوية ليس ظاهرة محلية أو عالمية؛ لكنه حالة مؤقتة تحدث أحيانا بسبب عدم توافر المادة الخام، بالإضافة لتأخر وصول شحنات المواد الخام.

وقال: «قد يؤدى عدم ضمان مخزون استراتيجى من المستحضرات المهمة والمنقذة للحياة إلى نقصها فى السوق خلال فترات الطلب المرتفع»، وتابع: «النقص العالمى للأدوية أو المواد الخام أحد أهم أسباب النقص الدوائي، كما أن غلق أو تطوير بعض خطوط الإنتاج قد يكون سبباً فى حدوث نقص فى الدواء».

وحول الموقف الخاص بإعادة تسعير بعض الأصناف الدوائية قال: بعد تحرير سعر الصرف بدأت الشركات فى المطالبة بأهمية مراجعة أسعار مستحضراتها فى ضوء المتغيرات الاقتصادية الحالية؛ حتى يتسنى تأكيد انتظام العملية الإنتاجية، وبالتالى توافر المنتجات ومثائلها وبدائلها.

وكشف عن حزمة الإجراءات التى اتخذتها الهيئة لضمان توافر مختلف المستحضرات الطبية فى السوق، والتى شملت التوسع فى إنتاج، وضخ المستحضرات الدوائية المهمة؛ بضخ كميات متزايدة من المستحضرات الموجودة بالفعل فى السوق المصري، بالإضافة إلى سرعة استيراد شحنات إضافية من المواد الخام الفعالة، وكافة مستلزمات الإنتاج، مع استغلال الطاقات الإنتاجية بالشكل الأمثل لتشغيل خطوط الإنتاج بالمصانع، فضلا عن زيادة المثائل العلاجية المتوفرة أو البدائل المتاحة.

وأشار إلى تقديم الهيئة كافة سبل الدعم الفنى والإجرائى لشركاء الصناعة فى مختلف المراحل؛ حيث عززت الهيئة أنظمة الرقابة على جودة الأدوية لضمان مطابقتها للمواصفات والمعايير الدولية، بالإضافة لضمان وجود مخزون إستراتيجى من كافة متطلبات العملية الإنتاجية، فضلاً عن التنسيق مع البنك المركزى لإنهاء إجراءات فتح الاعتمادات المستندية الخاصة بالقطاع العام مع البنوك المختلفة.

وتابع: ندعم توافر المثائل العلاجية من المستحضرات المهمة والشفافية عن طريق الإعلان عن قوائم نواقص الأدوية بشكل مستمر، مع المتابعة الإيجابية لتوافر المستحضرات المهمة والاستراتيجية المتمثلة فى أكثر 16 مجموعة علاجية تتضمن أهم المستحضرات ذات الأولوية الإستراتيجية.

وقال: فى حالة رصد نقص بعض الأدوية يتم التواصل مع الشركات ومراجعة الأرصدة والضخ، والتأكد من استمرار العملية الإنتاجية.

وأوضح رئيس هيئة الدواء، أن الهيئة تتبع سياسة عدم تصدير أى من الأدوية التى بها نقص فى السوق إلا بعد التنسيق لضمان توافر كمية كافية تلبى احتياجات السوق لفترة تتراوح من شهر إلى 3 أشهر.

طوابير الإسعاف

قدم على عوف، رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، شكوى بسبب المشكلة التكدس والتزاحم على صيدلية الإسعاف، مطالبا الوزير النزول بنفسه إلى صيدلية الإسعاف ليرى بعينيه التكدس والتزاحم وأسلوب التعامل وقلة عدد الموظفين العاملين الصيدلية.

وأكد «عوف»، أن صيدلية الإسعاف لها خط ساخن 16682، وأى حد يتصل بهم يسأل على الدواء، ليتأكد أن الدواء موجود فى أقرب فرع له، مشيرًا إلى أن الدواء الموجود فى صيدلية الإسعاف بوسط البلد، هو نفسه الموجود فى صيدلية الإسعاف فى الأميرية، موضحًا أن الأدوية الناقصة التى ليس لها بديل موجودة فى صيدلية الإسعاف، وتؤخذ بروشتة ورقم قومى وتقرير طبي.

وأضاف أن هناك خط ساخن برقم 153101، يمكن التواصل من خلال للاستفسار عن الأدوية غير الموجودة أو الناقصة.

بالنسبة لنقص الأدوية، قال: إنها أزمة مستمرة منذ فترة لأننا نتعامل مع الدواء فى مصر من خلال طريقتين سواء التأمين الصحي، ويقوم الأطباء فيها بكتابة الاسم العلمى للدواء، ونفس الطبيب يكتب الاسم التجارى للدواء عندما يكون فى عيادته الخارجية، ومع أن المادة الفعالة واحدة، وقد تكون أرخص إلا أن المريض يرفض.

وشدد أنه هناك انفراجة فى ملف الدواء، وخلال أسبوع أو 10 أيام ستتحسن أكثر، مشددًا على ضرورة التكاتف من أجل الأفضل للبلد، لأنه سيحل الكثير من المشكلات ويوفر الكثير من الدولارات للبلد.

السوق السوداء

 وتقدمت النائبة الدكتورة حنان عبده عمار، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة إلى المستشار الدكتور حنفى جبالى، رئيس المجلس؛ موجه إلى الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، والدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة والسكان، بشأن نقص أدوية الأمراض المزمنة وعلى رأسها أدوية الضغط والسكر.

وأوضحت عضو مجلس النواب، أن الأسواق شهدت نقصًا كبيرًا وملحوظًا فى بعض الأدوية مؤخرًا، قائلة: «المواطنون يذهبون لشراء هذه الأدوية من الصيدليات، لكن الصيادلة يخبرونهم بعدم توفر الدواء».

وتابعت: «الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فبعض الصيدليات تقوم بتخزين كميات كبيرة من الأدوية وبيعها فى السوق السوداء، وهذا مخالف تماما للقانون ويتنافى مع الإنسانية»، مطالبة بتشديد الرقابة على جميع الصيدليات ومعاقبة كل من يتاجر بأمراض الشعب.

وطالبت النائبة، وزير الصحة والسكان الدكتور خالد عبدالغفار، بأن يضع ملف نقص الأدوية على رأس أولويات الوزارة خلال الفترة المقبلة، مؤكدة على ضرورة توفير تلك الأدوية.

وأشارت إلى أن أكثر من نصف الشعب، وخاصة كبار السن، يعانون من أمراض مثل الضغط والسكر، مما قد يؤدى إلى أضرار جسيمة على صحتهم، موضحة أن معظم المواطنين لا يستطيعون تغيير نوع الدواء لأنهم اعتادوا عليه.

 

نقلاً عن جريدة الوفد