السفير مصطفي الشربيني يصدر أول موسوعة عربية لقياس البصمة الكربونية

أكد الخبير الدولي في الاستدامة وتقييم مخاطر المناخ والمراقب باتفاقية باريس لتغير المناخ بالأمم المتحدة، السفير مصطفى الشربيني، على الاهتمام المتزايد بقياس البصمة الكربونية وتقليصها عالميًا من المستويات الصناعية للفردية، نظرا لأن مفاهيم البصمة الكربونية وتغير المناخ جديدة على العالم.

وقال السفير الشربيني، في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم الخميس، بمناسبة إصداره موسوعة البصمة الكربونية وإدارة الانبعاثات والتحقق منها، إن الثورة الصناعية الخضراء ودخول العالم حقبة جديدة من الاستدامة والنمو الأخضر لتحقيق أهداف التنمية المستدامة صار الشغل الشاغل للعالم أجمع لاستعادة الكوكب ومكافحة مخاطر تغير المناخ والتنوع البيولوجي والتلوث.

وأضاف أن تلك الموسوعة العلمية لإدارة الانبعاثات الكربونية تشتمل على 7 كتب منفصلة في 3000 صفحة نستعرض فيها دليل البصمة الكربونية للشركات، ودليل البصمة الكربونية للمنتج ودليل التحقق والإفصاح عن انبعاثات الغازات الدفيئة ودليل آلية تعديل حدود الكربون ودليل الكربون الأزرق ودليل مشروعات تعويض الكربون ودليل أسواق الكربون والطريق إلى الاقتصاد الأخضر وجميع مجالات انبعاثات الغازات الدفيئة، بشكل شامل ومفصل، بما في ذلك العناصر العلمية والجوانب المنهجية والتكنولوجية والمعايير ودراسات الحالة الصناعية وتوصيل نتائج البصمة الكربونية وذلك تحت إشراف ومراجعة علمية لفريق دولي من الخبراء، وتركز على المنهجية والنمذجة ودراسات الحالة.

وتابع الشربيني أن محاسبة البصمة الكربونية للمنظمات والشركات تساعد على فهم انبعاثات الكربون لديها حتى تتمكن من تحديد النقاط الساخنة، مما يمكنها من بدء جهود الحد من الانبعاثات بإجراءات ذات تأثير كبير، مشيرا الى أن تلك الكتب تصف جوانب النمذجة وحسابات البصمة الكربونية في المنظمات والمنتجات ومشروعات الكربون الأزرق وأسواق الكربون.

وأوضح الخبير الدولي في الاستدامة أن الموسوعة تؤكد على أهمية تحديد مصادر الطاقة غير الملوثة وكذلك الاستدامة، كما تقدم ثروة من المعلومات حول الممارسات والأساليب في الكشف عن البصمة الكربونية ومعالجتها وإصدار شهادات الكربون؛ إذ إن تلك الموسوعة هي الأولى عربيا وتعد رائدة على مستوى العالم كمرجعًا مهمًا يناقش بالتفصيل البيانات الأساسية لتقييم البصمة الكربونية وتعويضها وتخفيضها وتستخدم دراسات الحالة حول الأساليب والممارسات من مواقع مختلفة حول العالم، وتوضح أن مشكلات البصمة الكربونية عالمية بالفعل، وكيف يمكن معالجتها في عدد لا يحصى من مجالات الحياة، من الصناعة إلى الزراعة والطاقة والنفايات الصلبة.

وحول محاسبة الغازات الدفيئة أو بصورة أخرى ما هي البصمة الكربونية، قال الشربيني إن المحاسبة الكربونية هي طريقة لحساب كمية الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تنبعث من شركة أو منظمة ما، فكما هو الحال بالنسبة للمحاسبة المالية، فإن المحاسبة الكربونية تقيس تأثير الأنشطة للمنظمة أو الشركة وتُعرف المحاسبة الكربونية باسم “محاسبة الغازات المسببة للاحتباس الحراري”، وتستخدم لتقدير البصمة الكربونية للشركات والحكومات وحتى الأفراد.

وقال الشربيني: “حتى عندما تنجح شركة أو منظمة ما في خفض انبعاثاتها الكربونية قدر الإمكان، فإن حساب بصمتها الكربونية سيساعدها على تقدير انبعاثاتها المتبقية، ومن ثم تستطيع المنظمة استخدام الاستثمار المناخي لتعويض انبعاثاتها المتبقية، واستكمال رحلتها نحو صافي الصفر كربون، وقد ترغب المنظمات أو الشركات في مشاركة تقدمها مع أصحاب المصلحة مثل العملاء والمستثمرين والموظفين أو قد يُطلب منها حتى الإبلاغ عن انبعاثاتها بموجب القانون، حيث تمكن المحاسبة الكربونية الشركات من الإبلاغ عن تأثيرها المناخي”.

وفيما يتعلق بالإجراءات الخاصة للمحاسبة البصمة الكربونية، أوضح الشربيني أن المحاسبة الكربونية تتطلب أمرين؛ هما: جمع البيانات ومعالجتها، ولكي تتمكن الشركات من المحاسبة عن انبعاثاتها بفعالية، يتعين عليها أن تضمن أن تكون عملية جمع البيانات التي تقوم بها شاملة، وأن تكون منهجية معالجة البيانات التي تتبعها سليمة حيث تعتمد محاسبة الكربون على مجموعتين من البيانات: بيانات نشاط الأعمال وتصف الأنشطة التي تقوم بها الشركات وبيانات عوامل الانبعاثات التي تحدد كمية انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري وبمجرد جمع كل البيانات المطلوبة، يمكن ترجمتها إلى تقديرات للانبعاثات.

وأشار الشربيني إلى أن بروتوكول الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي، هو المعيار الأكثر استخداماً لحساب البصمة الكربونية، وتعتمد دقة هذا التقدير على شمولية مصادر الانبعاثات المحسوبة، وجودة مدخلات بيانات الإنفاق والنشاط، ودقة عوامل الانبعاثات المستخدمة.

ورداً على سؤال “لماذا يجب على الشركات استخدام محاسبة البصمة الكربونية”، قال الشربيني إن حساب البصمة الكربونية أساسية لأية شركة تريد تقليل بصمتها الكربونية؛ فبالإضافة إلى أنها تسهم في مكافحة تغير المناخ، فهي تساعد الشركات أيضًا على جذب العملاء والمستثمرين والموظفين؛ نظر لأن حساب انبعاثات الكربون هي الخطوة الأولى نحو تقليل الانبعاثات، مما يتيح للشركات التحول إلى أنشطة أو مواد منخفضة الكربون، لكن حساب الانبعاثات الخاصة بسلسلة القيمة، يمكن أن تكون مهمة صعبة، حيث يتضمن جمع العديد من أنواع البيانات من العديد من المصادر ثم ترجمة هذه البيانات إلى إجمالي الانبعاثات؛ حيث تشكل انبعاثات سلسلة القيمة، جزءًا كبيرًا من البصمة الكربونية للشركة، لكنها لا تنشأ مباشرة من الشركة؛ مما يجعل حسابها وتقليلها أمرًا صعبًا، وتواجه الشركات التجارية، التي يبلغ عدد الموردين فيها الآلاف، صعوبات خاصة في حساب انبعاثات سلسلة القيمة.

وكشف الشربيني أنه باستخدام منهجية هجينة، تستطيع الشركات إجراء تقدير لبصمة الكربون على أساس الإنفاق للحصول على نظرة عامة أولية على مصادر الانبعاثات في سلسلة القيمة الخاصة بها، ثم تحسين التقدير من خلال جمع البيانات القائمة على النشاط من أكبر الجهات المسببة للانبعاثات لديها.

وعن أهمية الحد من الانبعاثات وحساب البصمة الكربونية، نوه السفير مصطفى الشربيني إلى أن إعداد التقارير المتعلقة بالاستدامة صار متطلبًا قانونيًا لدى العديد من الشركات في أنحاء العالم؛ إذ يتيح محاسبة البصمة الكربونية للشركات تلبية متطلبات الإبلاغ عن التأثير المناخي لهذه التشريعات الحالية والمستقبلية وكلما بدأت الشركة مبكرًا، كلما كانت العملية أكثر سلاسة.

ولفت الشربيني كذلك إلى الحصول على مزايا تنافسية، حيث تكتشف الشركات التي تستخدم محاسبة البصمة الكربونية فوائد تجارية غير متوقعة وغير مستغلة بشكل كاف، وتشمل هذه الفوائد تقليل المخاطر، وبناء قيمة العلامة التجارية، والحد من عدم الكفاءة، إلى جانب أن المحاسبة الكربونية يمكن أن تكون بمثابة البوابة إلى الاقتصاد الدائري للشركة وأيضا تقليل المخاطر الخاصة بالتضليل البيئي من جانب بعض الشركات التي تحاول خداع المستهلكين وإقناعهم بأنها صديقة للبيئة في حين أنها في الواقع تلحق الضرر بهم لذلك فإن الامتثال والحد من المخاطر يشكلان القوى الدافعة للعديد من الشركات لاستخدام المحاسبة الكربونية.

نقلاً عن جريدة الوفد