إيجارات الشقق.. تحرم الشباب من «نص دينه»

أرقام فلكية للإيجار.. والسودانيون السبب

«الوفد» ترصد آلام الشباب: جواز مع إيقاف التنفيذ 

محمد ترك شقته وعاش مع أسرته.. وزوجته وابنته مع أسرتها… وكريم أجّل زواجه لأجل غير مسمى

خبير اقتصادى: ارتفاع أسعار مواد البناء والتضخم وفوائد البنوك أهم الأسباب.. وتدخل الدولة ضرورى

 

 

أصبح الزواج حلماً بعيد المنال لكثير من الشباب فى مصر، ففى ظل غلاء الأسعار والتضخم أصبح الحصول على شقة حلم يصعب تحقيقه، فبعد أن أصبحت الشقق التمليك فى مستوى المواطن المليونير، قرر الشباب للجوء إلى الإيجارات ليفاجأوا بارتفاعها بشكل جنونى بما يفوق قدرات الكثيرين منهم، لتتوقف مشروعاتهم وأحلامهم المشروعة فى إتمام «نص دينهم».

وعلى الجانب الآخر يستغل أصحاب العقارات الموقف لكسب مزيد من الأموال، خاصة بعد قدوم اللاجئين السودانيين والذين كانوا سبباً فى ارتفاع الإيجارات، خاصة فى المناطق العشوائية بشكل مبالغ فيه، حتى إن بعض الملاك يهددون المواطنين المصريين برفع الإيجار وإما الطرد لتسكين السودانيين.

وزادت شكاوى الأسر والمواطنين من صعوبة التوفيق بين دفع الإيجارات والاحتياجات الحياتية الأخرى، خاصة أن بعضهم يدفع أكثر من نصف راتبه فى الإيجار، فضلاً عن فواتير الكهرباء والماء وباقى التزامات الحياة. التى تضاعفت جميعاً، وهو ما أدى لتفاقم المشاكل بين الأزواج، وأصبحت حياة الكثير من الأسر المصرية مهددة بالدمار، بسبب ارتفاع القيمة الايجارية فليس من المنطقى بعد أن كان الايجار يتراوح بين 1000 إلى 1500 جنيه فى المناطق الشعبية وصل إلى 5 آلاف جنيه، أما فى المناطق الراقية فقد أصبح يتراوح بين 15 ألفاً إلى 20 ألف جنيه.

ورغم محاولات الدولة لمواجهة هذه المشكلة والاستثمارات الضخمة التى خصصت لقطاع الإسكان، فإن الأزمة تتزايد بسبب ارتفاع القيم الايجارية، والتى أصبحت عقبة أمام الكثير من الشباب الذين لا تتعدى رواتبهم الثلاثة آلاف جنيه.

زواج مع إيقاف التنفيذ

«متزوج مع وقف التنفيذ» هكذا وصف محمد محسن حاله بعد أن اضطر لترك شقته والسبب فى ذلك جشع وطمع مالك العقار الذى رفض تجديد عقد إيجار الشقة الذى كان يقطن فيها منذ ٣ سنوات بمنطقة فيصل، وطالبه بزيادة الايجار من 2000 جنيه، إلى 7000 جنيه لتجديد العقد أو الإخلاء، نظراً لأن هناك أسرة سودانية على استعداد لدفع المبلغ المطلوب، وقال محمد: دخلى لا يسمح بدفع هذا المبلغ لذلك اضطررت للإقامة مع أسرتى وإرسال زوجتى وابنتى إلى أسرتها حتى أجد مسكناً مناسباً.

وقال كريم عادل موظف إن أسعار الشقق مرتفعة جداً، خاصة للشباب الذين تكون رواتبهم ضعيفة فأقل شقة يتراوح إيجارها بين ٥٠٠٠ الـ٦٠٠٠ آلاف جنيه، وهذا الأمر غير منصف فى ظل الظروف المعيشية الحالية التى تشكل عبئاً كبيراً على عاتق الشباب. 

وتابع عادل بأن الأمر أصبح صعباً جداً بالنسبة لكل شاب فى سنى، ليس لديه شقة سكنية، وهناك أيضا أثاث ومفروشات وتكلفة حفل الزفاف، والذهب الموضوع صعب جداً، وإذا قمنا بحساب ميزانية الزواج سنجدها تتعدى نصف مليون جنيه.

والتقطت أطراف الحديث هاجر محمد فتقول: «الإيجارات فى تزايد مستمر ولا تتناسب مع رواتب المواطنين ذوى الدخل المحدود والمتوسط، وقد يضطر الزوجان للعمل من أجل توفير الإيجار، وتكون هناك صعوبة فى توفير احتياجات المنزل وتكاليف المعيشة الأخرى، فضلاً عن أن أغلب أعمال الصيانة والتصليح تقع على عاتق المستأجر، مما يسبب أعباء وضغطاً نفسياً كبيراً على أى شاب وفتاة يرغبان فى الزواج.

ولكن الوضع يختلف مع عم محمد الرجل السبعينى موظف سابق بالمعاش الذى يعمل حالياً سائق تاكسى والذى قال: كفاية وافدين احنا بلد مش مستعده لاستقبال اعداد اكتر من كده.. انا جواز بنتى واقف منذ فترة لعدم ايجاد خطيبها لشقة تتناسب مع إمكانياته.. فشلنا فى العثور على شقة إيجار قديم أو حتى بنظام الإيجار الجديد والسبب زيادة الطلب من السودانيين ودفع أسعار لا نستطيع عليها.

المشكلة والحل

من جهته، أرجع الدكتور كرم سلام عبدالرؤوف، الخبير الاقتصادى ومستشار العلاقات الاقتصادية الدولية ارتفاع أسعار العقارات إلى الظروف الاقتصادية المتغيرة مما أدى إلى عدة ظواهر أبرزها: 

< زيادة الطلب حيث إن تزايد عدد السكان وزيادة عدد الأسر الصغيرة أدى إلى زيادة الطلب على الوحدات السكنية، مما يؤدى إلى ارتفاع الأسعار.

< نقص العرض حيث إن قلة الأراضى المتاحة للبناء فى المناطق الحيوية والمدن الكبرى يزيد من الضغط على الوحدات المتاحة، ما يؤدى إلى ارتفاع أسعارها.

< ارتفاع تكاليف البناء نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء، العمالة، وتكاليف النقل ما يؤدى إلى زيادة تكلفة بناء الوحدات السكنية، وهو ما ينعكس على أسعار البيع.

< المضاربة العقارية نتيجة قيام بعض المستثمرين بشراء العقارات وإعادة بيعها بأسعار أعلى بهدف الربح مما يساهم فى رفع الأسعار بشكل كبير.

< التضخم الاقتصادى حيث إن ارتفاع معدلات التضخم تؤدى إلى تآكل القيمة الشرائية للعملة، مما يدفع أسعار العقارات إلى الارتفاع لتعويض هذا التآكل.

< ارتفاع الفائدة البنكية حيث إن ارتفاع أسعار الفائدة على القروض العقارية يجعل التمويل العقارى أكثر تكلفة، مما يزيد من إجمالى تكلفة شراء العقارات.

وأشار إلى عدة حلول لحل أزمة الحصول على سكن لائق منها:

< تطوير الإسكان الاجتماعى من خلال إنشاء مشاريع إسكان اجتماعى بأسعار معقولة تستهدف الشباب وذوى الدخل المحدود، مع تقديم تسهيلات فى السداد وتمويل منخفض الفائدة.

< تحفيز القطاع الخاص من خلال تقديم حوافز ضريبية وتشجيعية للمطورين العقاريين لبناء وحدات سكنية بأسعار مناسبة للشباب، وتشجيعهم على تبنى ممارسات بناء مستدامة تقلل من التكاليف.

< تسهيل الإجراءات القانونية والإدارية من خلال تبسيط وتسريع إجراءات شراء العقارات وتسجيلها، ما يقلل من التكاليف الإدارية ويسهل على الشباب عملية التملك.

< دعم التمويل العقارى من خلال تقديم قروض عقارية مدعومة من الحكومة بفوائد منخفضة أو بفترات سداد طويلة، وتوفير برامج تمويل مشترك بين الحكومة والبنوك.

< تنظيم الإيجارات من خلال وضع قوانين وتنظيمات لضبط أسعار الإيجارات ومنع المضاربات والإيجارات المبالغ فيها، ما يساعد على توفير خيارات سكنية ميسورة للشباب.

وتابع: لابد على الحكومة من التخلى عن سياسة التعامل مع المواطنين كمستثمر، وتقديم مبادرات مجتمعية تهدف إلى تخفيف العبء عن كاهل الشباب. يمكن أن تشمل هذه المبادرات توفير الدعم المالى للمشترين لأول مرة، وتحفيز مشاريع الإسكان الاجتماعى، وتسهيل الإجراءات البيروقراطية. كما يمكن للقطاع الخاص أن يلعب دوراً مهماً من خلال توفير حلول مبتكرة تساهم فى خفض التكاليف وتحسين الوصول إلى السكن.

 

نقلاً عن جريدة الوفد