أصبح الاستثمار الرياضي في عالم كرة القدم الحديث محورًا أساسيًا في اللعبة بحثًا عن جني الأموال والنجاح التجاري للأندية، وتأتي العديد من الأندية حول العالم لديها مستثمرين لتحقيق الأرباح المالية وتحسين الأداء الرياضي، سواء بالاستحواذ على الأندية بشراء حصة كبيرة من أسهم النادي أو كلها، مثل أندية عديدة مثل مانشستر يونايتد والسيتي وتشيلسي في الماضي مع أبراموفيتش.
لكن هناك استثمار رياضي آخر في اللاعبين الشباب ويعد أحدث الأندية ظهورًا في الاستثمار الرياضي ريد بول سالزبورج النمساوي، الذي بات نموذجًا بارزًا وناجحًا في هذا المجال ويدمج بين الاستثمار الاستراتيجي في اللاعبين خاصة الشباب والتطوير بشكل مستمر للمنشآت، من خلال استراتيجيات متميزة في اكتشاف وتطوير اللاعبين، وتوفير بيئة تدريبية مثالية.
عالم الاستثمار الرياضي، يهدف لتحقيق الأموال الطائلة وتعزيز العلامة التجارية للنادي، ورفع قيمتها، وتطوير المنشآت الرياضية والمرافق، بالإضافة لجلب رعاة لتوفير دخل ثابت، فضلا عن المتاجر وتسويق وبيع المنتجات مثل الملابس الرياضية للفريق والمعدات الرياضية والتذاكر والعضويات، وتطوير الأكاديميات الرياضية لتقديم لاعبين جدد مميزين يمكن بيعهم لاحقًا بأرقام كبيرة.
كل تلك الأمور هي استثمار رياضي يهدف إلى تحسين البنية التحتية للنادي ودعم الفريق بالمواهب وزيادة الإيرادات لربح الأموال، وهو ما يقوم به نادي مثل ريد بول سالزبورج والذي يعتبر جزءًا من شبكة عالمية لشركة ريد بول العالمية التي لديها نادي في ألمانيا وأمريكا والبرازيل أيضًا، حيث تشمل أندية ريد بول لايبزيج وريد بول نيويورك، وريد بول براجانتينو.
يسعى هذا النظام الذي تهدف إليه ريد بول، إلى تبادل المعرفة والخبرات، مما يعزز استراتيجيات التطوير والنمو عبر الأندية المختلفة.
قدم نادي ريد بول سالزبورج العديد من المواهب الكروية المميزة للكرة العالمية مثل إرلينج هالاند، وساديو ماني، ونابي كيتا ودومينيك سوبوسلاي لاعب ليفربول، وأوباميكانو لاعب بايرن ميونخ والياباني تاكومي مينامينو، لاعب ليفربول السابق وموناكو الحالي، وكريم أديمي لاعب دورتموند وغيرهم من اللاعبين المميزين حيث مازال النادي يسير على نفس النهج بجلب اللاعبين المواهب وتطويرهم ثم بيعهم بأرقام كبيرة ما يعزز أسهم ووجود النادي وقيمة الفريق لكن لم تكن خطة سالزبورج أو ملاكه ريد بول وليدة اللحظة والظهور.
حيث أنه جاء بعد عمل كبير وتطوير لجميع المرافق ووضع استراتيجيات، وكشافين في العديد من دول العالم، بالإضافة للتعاون مع أكاديميات مميزة لإعطاء فرصة للمواهب للعب في دوريات احترافية.
تأسيس نادي ريد بول سالزبورج
تأسس نادي سالزبورج في عام 1933 ولكن التحول الجذري حدث في عام 2005 عندما استحوذت شركة ريد بول على النادي. منذ ذلك الحين، تحول النادي إلى قوة بارزة في كرة القدم الأوروبية بفضل التركيز على تطوير اللاعبين الشباب واستخدام استراتيجيات مبتكرة.
استراتيجيات النادي
يسعى نادي سالزبورج لتحقيق النجاح على المستوى المحلي والأوروبي من خلال استثمار كبير في تطوير المواهب، التوسع بين المواهب حول العالم، وتحسين البنية التحتية، وتشمل استراتيجياته تطوير مستوى اللاعبين من خلال الابتكار والتطوير المستمر من أجهزة وغيره.
يهدف ملاك سالزبورج هو الدخول في الاستثمار الرياضي وامتلاك أندية رياضية، وتطوير أداء فرقها وزيادة العوائد المالية، ذلك من خلال تحديث البنية التحتية، وتحسين استراتيجيات التسويق.
خطط نادي سالزبورج للتوسع
تهدف خطط النادي إلى الاستفادة من قاعدة جماهيرية أوسع وزيادة العوائد المالية، لتوسيع تأثير النادي عالميًا وزيادة فرص جذب اللاعبين والمستثمرين.
التدرج على المستوى الإداري
تولى برنهارد سيونبوخنر، منصب المدير الرياضي في نادي ريد بول سالزبورج في عام 2008 والذي يعتبر أحد العناصر الأساسية في نجاح تجربة سالزبورج، كمدير للفريق تحت 15 عامًا، بعدها تولى مناصب مثل مدير للفريق تحت 16 عامًا، ثم تحت 18 عامًا، ومدير كرة القدم في نادي FC Liefering، الفريق الثاني التابع لسالزبورج الذي ينشط في الدرجة الثانية بالدوري النمساوي.
قبل أن يتولى المدير الرياضي للفريق الأول بنادي سالزبورج بعد مغادرة كريستوف فريد لمنصبه كمدير رياضي إلى بايرن ميونيخ، ما يؤكد ويعكس نظام الترقية الداخلي في النادي.
الاستثمار في البنية التحتية وتطوير المنشآت الرياضية
1. استاد سالزبورج: استثمر النادي في تطوير ملعبه، مما أدى إلى تحسين تجربة المشجعين وزيادة الإيرادات من بيع التذاكر والفعاليات.
2. المرافق التدريبية: تم تطوير مراكز التدريب، مما يساعد في تطوير اللاعبين ويعزز من أداء الفريق بشكل عام، بالإضافة لوجود ستة ملاعب، قاعة داخلية، صالة لرفع الأثقال، صالة للياقة القلبية، صالة رياضية خارجية، وأجهزة مراقبة لأداء اللاعبين.
اكتشاف المواهب وتطوير اللاعبين
اكتشاف المواهب
يعمل كشافو سالزبورج على البحث في أكاديميات وأندية كرة القدم العالمية مثل أكاديمية JMG باماكو (مالي) التي أنضم منها أمادو حيدارا وسيكو كويتا ودينامو زغرب (كرواتيا) مثل لوكا سيسيتش وغيرها، وأكاديميات في أمريكا الجنوبية وأمريكا الشمالية، ويتم تقييم اللاعبين بناءً على الأداء والقدرات البدنية والتكيف مع أساليب اللعب.
يتعاون الكشافون مع أكاديميات عالمية لضمان الوصول إلى أفضل المواهب، مما يساعد على توسيع شبكة اكتشاف اللاعبين في أسواق جديدة.
استراتيجيات اكتشاف المواهب
– متابعة المواهب: يمتلك النادي شبكة من الكشافين المنتشرين في مختلف البلدان لمراقبة اللاعبين الشباب في المباريات والبطولات. هؤلاء الكشافون يركزون على الأداء الفني والبدني للاعبين.
-المسابقات الأكاديمية: ينظم النادي أو يشارك في مسابقات ومخيمات أكاديمية لاكتشاف لاعبين مميزين من الفرق الشابة حول العالم. بالإضافة لشراكات مع أكاديميات أخرى والتعاون مع أكاديميات خارجية لتبادل المعرفة والمواهب.
تطوير المواهب
يعمل نادي سالزبورج على وضع برامج تدريب شاملة للاعبين الشباب لتطويرهم والتي أهدت للكرة العالمية نجوم بارزة مثل هالاند وماني وغيره وتشمل:
– المدرسة الأكاديمية: تمتلك أكاديمية سالزبورج برامج تدريبية شاملة تشمل:
– التدريب الفني: تحسين المهارات الفردية مثل التمرير والتسديد والمراوغة.
– التكتيك: تعليم اللاعبين أساليب اللعب المختلفة وفهم استراتيجيات الفريق واللياقة البدنية عبر برامج تدريبية لتحسين القوة والسرعة والقدرة على التحمل.
بالإضافة للتدريب المخصص حيث يتلقى اللاعبون تدريبات خاصة بناءً على احتياجاتهم الفردية ومراكزهم.
التدريب الجماعي والفردي
– التدريب الجماعي: يشمل جلسات تدريبية مع الفريق الكامل لتعزيز التنسيق والتفاهم بين اللاعبين. أما التدريب الفردي: يتلقى اللاعبون الشباب تدريبات فردية تركز على تحسين مهاراتهم الشخصية.
الدمج مع الفريق الأول واكتساب الخبرات
– التدريب مع الفريق الأول: يتم دمج اللاعبين الشباب في تدريبات الفريق الأول، مما يتيح لهم التعرف على أسلوب اللعب والمستوى الاحترافي وخوض المباريات الودية حيث يشارك اللاعبون الشباب في المباريات الودية والتجريبية، حيث يمكنهم إثبات جدارتهم والتأقلم مع متطلبات المباريات الحقيقية.
– الانتقال إلى الدوريات المستوى الأعلى:
يتم إرسال اللاعبين الشبان إلى أندية أخرى على سبيل الإعارة، حيث يمكنهم اللعب بانتظام في دوريات أقل مستوى لاكتساب الخبرة.
بالإضافة لصعيد اللاعبين بناءً على الأداء والاحتياجات، يتم ترقية اللاعبين إلى الفريق الأول ويشاركون في المباريات الرسمية.
– التقييم بالأداء:
يتم تقييم اللاعبين بانتظام من خلال الأداء في التدريبات والمباريات. هذا التقييم يشمل الجانب الفني، التكتيكي، والبدني، كما يستخدم التحليل بالفيديو تقنيات لمراجعة أداء اللاعبين وتقديم ملاحظات مفصلة لتحسين الأداء.
– الخطط الفردية: بناءً على التقييم، يتم وضع خطط تدريب فردية لتحسين المهارات الضعيفة وتعزيز القوى.
– العناية بالصحة والتغذية:
– التغذية: يتم تقديم برامج تغذية مخصصة لضمان صحة اللاعبين ونشاطهم.
– التعافي والإصابات: تشمل برامج التعافي العلاجات الفيزيائية وإعادة التأهيل للحفاظ على لياقة اللاعبين بعد الإصابات.
كل تلك الأمور توفر للاعبين الشباب بيئة محفزة للتطور والنجاح، مما يعزز من قدرة النادي على بناء فريق قوي ومستدام.
تطوير اللاعبين في الفريق الثاني FC Liefering بالدرجة الثانية
يملك نادي سالزبورج ناديًا تابعًا له في دوري الدرجة الثانية من الدوري النمساوي وهو FC Liefering، يعمل هذا النادي كنقطة انطلاق لتطوير اللاعبين الشباب، حيث يوفر بيئة مثالية للتدريب والتطور مع التركيز على تحسين المهارات الفنية والبدنية. يلعب الفريق في مستوى أقل من الدرجة الممتازة، مما يساعد اللاعبين على التأقلم مع الأجواء والدوري تدريجيًا مثلما فعل النادي مع نجوم سابقين مثل سوبوسلاي وتشان.
سوبوسلاي وهوانج هي تشان
عند تعاقد سالزبورج مع دومينيك سوبوسلاي، لاعب ليفربول الحالي، من إحدى الأكاديميات في المجر، انتقل سوبوسلاي إلى الفريق الثاني التابع لسالزبورج (Liefering) وكان ذلك من أجل التطور والتأقلم في الأجواء الجديدة كلاعب مراهق بعمر 17 عامًا. تألق بعدها وانتقل إلى الفريق الأول ثم إلى ليفربول.
والأمر نفسه للاعب هوانج هي-تشان، الكوري المتألق مع ولفرهامبتون، حيث اشتراه سالزبورج بعمر 19 عامًا من أحد الأندية الكورية. لعب مع الفريق الثاني ثم انضم إلى سالزبورج قبل الانتقال إلى لايبزيج ثم إلى ولفرهامبتون، وأيضا الزامبي باتسون داكا لاعب ليستر سيتي الحالي.
التقنيات الحديثة والمنشآت المتطورة
يستخدم نادي سالزبورج أحدث التقنيات في النادي مثل:
– Soccerbot360: جهاز يعيد مواقف المباراة لاختبار الوعي المكاني وسرعة الحركة.
– غرفة الجاذبية المنخفضة (AlterG): تساعد في التعافي البدني من خلال تقليل وزن الجسم أثناء الركض، مما يسمح بحركة طبيعية خلال فترة التأهيل.
كل تلك الأمور توضح أهمية الاستثمار الرياضي واستراتيجياته، و يعد نموذج ريد بول سالزبورج من أنجح النماذج التي تسير بشكل مميز في الاستثمار الرياضي خاصةً في اللاعبين المواهب، بعدما قدم العديد من النجوم على رأسهم إرلينج هالاند، مما يظهر أهمية التحول إلى استراتيجية جديدة في تطوير اللاعبين، والتوسع حول العالم وتعزيز العلامة التسويقية للنادي، ودمج اللاعبين الشباب في الفريق الأول.
نقلاً عن جريدة الوفد