عادةً ما يستند عقل الإنسان إلى الصور الذهنية السابقة لتشكيل تصور عند التحدث عن الأشياء أو للتحكم في مجالات النظر والتفكير، وهذا يعني أن إدراكنا للألوان قد يتأثر بشدة بالمعطيات العقلية الداخلية، ما يجعل بعض الاختبارات التي تعتمد على الألوان مثيرة للاهتمام، حيث يتدخل العقل بشكل قد يؤدي إلى نتائج غير متوقعة.
اللون الأحمر للفراولة: الحقيقة وراء الوهم
عندما نتحدث عن الفراولة، يتخيل دماغنا تلقائيًا اللون الأحمر المرتبط بها، حتى وإن كان هذا التصور قد يكون غير دقيق، مؤخراً انتشرت صورة على وسائل التواصل الاجتماعي تُظهِر الفراولة بلون رمادي، مما أثار تساؤلات حول كيفية إدراكنا للألوان، بتحلل الصورة أظهرت أن الفراولة كانت رمادية، لكننا نراها أحمر بسبب كيفية معالجة الدماغ للألوان، تُعرف هذه الظاهرة باسم “الثبات اللوني”، وهي تشير إلى قدرة الدماغ على تثبيت إدراك اللون للجسم بغض النظر عن ظروف الإضاءة المتغيرة، يساعد هذا الثبات في تحديد الأجسام بشكل موثوق حتى في ظل تغييرات الضوء.
تجربة أكيوشي كيتاوكا: اختبارات اللون والدماغ
العالم الياباني أكيوشي كيتاوكا هو من قدم هذه الصورة لأول مرة، وقد استخدم فيها اللون الأخضر المائل إلى الرمادي بدلاً من الأحمر، ومع ذلك يظل العقل البشري يرى الفراولة باللون الأحمر، وهذه التجربة تُظهر كيف أن رؤية اللون قد تتأثر بشكل تلقائي بالأشياء التي نعرفها، حتى وإن كان اللون الفعلي مختلفًا، وإذا استبدلنا الفراولة بفاكهة أخرى، فإن تحليل الألوان والخداع البصري سيبقى موضوعًا مثيرًا.
الخداع البصري والفن البصري: ثورة في التصور
الخداع البصري، أو الفن البصري (Optical Art)، هو نوع من الفن يعتمد على الإيهام الحركي، ظهر هذا الفن في النصف الثاني من القرن العشرين على يد مجموعة من الفنانين مثل فيكتور فازاريللي، جوزيف آلبير، بريدجيت رايللي وآخرين، كل منهم قدم أسلوبه الخاص في استخدام الخداع البصري.
- “فيكتور فازاريللي”: استخدم اللونين الأبيض والأسود لخلق تأثيرات بصرية معقدة، كان من أبرز الفنانين في هذا المجال، وركز على عنصر الحركة في أعماله، مستندًا إلى نظريات الإدراك والألوان منذ الأربعينيات.
- “جوزيف آلبير”: درس الفن في مدارس مختلفة، واختتم دراسته في مدرسة باوهاوس، حيث أصبح مدرسًا، واشتهر بأعماله البسيطة التي استخدمت عددًا محدودًا من الأشكال، مع التركيز على البساطة والوضوح.
- “بريدجيت رايللي”: اهتمت بدراسة الألوان والتعبير عن المشاعر من خلالها، وتميزت أعمالها باستخدام النقاط والتدرجات اللونية، مع التركيز على الحركة التكميلية والفراغات والأشكال، مما خلق اهتزازات بصرية مذهلة.
الإيهام الحركي: كيف يخدعنا الفن البصري
يستند الخداع البصري إلى الإيهام الحركي، حيث يُخدع العقل بمعلومات غير دقيقة تجمعها العين وتُترجمها إلى تصور غير مطابق للواقع، وهذا النوع من الخداع يعتمد على الأوهام الفسيولوجية التي تؤثر على كيفية رؤية الألوان والحركة، والخداع البصري يقدم لنا نافذة فريدة لفهم كيفية إدراكنا للعالم، ويتيح لنا استكشاف الحدود بين الحقيقة والوهم من خلال فنون مرئية مدهشة.