“نصائح من ذهب”..كيف تستطيع نسيان من تحب دون أن تصاب بمرض نفسى؟

يسأل أحد القراء عن كيفية نسيان من نحب، ولماذا نشعر بالاكتئاب خلال هذه المرحلة، ولماذا يكون النسيان صعبًا علينا، مما قد يؤدي إلى معاناة نفسية عند محاولة نسيانهم.

يجيب الدكتور محمد الحديدي، أستاذ الطب النفسي بكلية الطب في جامعة المنصورة، قائلاً: “كل واحد منا قد مر في مرحلة من حياته بتجربة حب لم تكتب لها الاستمرارية والنجاح. ومع الفشل في هذه العلاقة، يدخل المحب في حالة من الضيق والحزن وفقدان الأمل. تذكر المحبوب والأحداث المرتبطة به قد يستمر لفترة قصيرة أو تمتد لسنوات، مما يجعل المحب غير قادر على نسيان من يحب، ويستمر التفكير فيه. وهنا يبرز التساؤل: لماذا يعاني الكثير من المحبين من صعوبة نسيان من أحبوا؟”

في دراسة حديثة أجريت على المحبين، وُجد أن هناك نقصًا في تركيز السيروتونين في المخ. السيروتونين هو ناقل عصبي له العديد من الوظائف النفسية، وهو مسؤول عن عدد من الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق والوسواس القهري والاضطرابات الجنسية. من خلال ملاحظة ما يحدث في حالات الوسواس القهري، التي تشترك مع الحب في نقص تركيز السيروتونين، يمكننا أن نفهم الأسباب وراء هذه الظاهرة.

يمكننا أن نستنتج أن العلاج قد يكون متشابهاً في حالتي “نسيان الحب المفقود والوسواس القهري”. فكما هو الحال مع جميع الاضطرابات النفسية، يعتمد علاج الوسواس القهري على العلاج السلوكي الذي يهدف إلى تشتيت الانتباه عن الفكرة المزعجة وإدخال أفكار بديلة، بالإضافة إلى استخدام الأدوية المضادة للوسواس التي تعزز مستويات السيروتونين في الدماغ. وبالمثل، يمكن القول إن علاج عدم القدرة على نسيان الحب المفقود يتطلب اتباع مجموعة من السلوكيات، منها: لا بأس من تخصيص بعض الوقت للبكاء على الأحلام والآمال والمشاعر الجميلة، ولكن يجب تجنب البكاء على الشخص نفسه أو إخبار نفسك بأنك أصبحت أضعف أو أنك تشعر بالخجل من مشاعرك.

من المهم أن تدرك أن البكاء في هذه المرحلة أمر طبيعي، بل إنه مفيد، حيث يساعد على تخفيف التوتر والقلق ويخفف من الأعباء النفسية. ومع ذلك، يجب ألا تستمر في هذه المرحلة لفترة طويلة، بل ينبغي أن تسعى للانتقال إلى المراحل التالية في أقرب وقت ممكن. أما الخطوة التالية، فإن الشخص الذي أحببته كان يشغل جزءاً كبيراً من وقتك يومياً، تماماً كما يشغل الوسواس القهري معظم تفكير الشخص.

يؤكد الدكتور الحديدي على أهمية قضاء بعض الوقت مع الأصدقاء والأقارب، حيث أن انشغالك بالحب في الماضي كان يؤثر على قدرتك على التواصل مع عائلتك وأصدقائك. بعد الانفصال، يجب عليك إعادة بناء وتقوية تلك العلاقات، لأن لها دورًا كبيرًا في مساعدتك على تجاوز هذه المرحلة. فهؤلاء الأشخاص يمكنهم أن يشعرونك بأنك أفضل، ويساعدونك على تعزيز ثقتك بنفسك، مما يسهل عليك نسيان الماضي. معهم، يمكنك استعادة ضحكتك والشعور بأهميتك أكثر مما كنت تتوقع.

ومع ذلك، يجب أن تتجنب الحديث عن الشخص الذي كنت تحبه وترغب في نسيانه. إذا تم ذكر هذا الموضوع، فقد يعيق قدرتك على النسيان، وبدلاً من الضحك معهم، قد يؤدي ذلك إلى بكائك. لذا، كن صريحًا واطلب منهم عدم التطرق لهذا الموضوع نهائيًا، سواء بشكل إيجابي أو سلبي، لأنك ستبكي في كلتا الحالتين.

كما يُنصح بتجنب الأماكن التي كنت تزورها مع هذا الشخص، لأن رؤية شخص باستمرار تجعل من الصعب نسيانه، وستستعيد الذكريات في كل مرة تلتقي فيها به. وإذا صادف أنك رأيته في أي مكان، تصرف بهدوء ولطف، واعتذر عن أي سبب، ثم اغادر المكان بأسرع ما يمكن.

حاول أن تخرج إلى العالم وتلتقي بأشخاص جدد، لأن البقاء في المنزل لفترات طويلة يمنحك وقتًا كبيرًا للتفكير في الماضي والتأمل فيه. ارتدِ أفضل ملابسك وأحذيتك، وارسم ابتسامة خفيفة على وجهك، ثم اخرج إلى السوق أو مطعم أو نادٍ، ويفضل أن تكون برفقة أحد الأصدقاء، فهذا سيساهم في رفع معنوياتك وتحسين مزاجك بشكل كبير. من المهم أن تتعرف على وجوه جديدة، فبمجرد أن تخرج وتلتقي بالناس، ستدرك أن الشخص الذي تحاول نسيانه ليس الوحيد الذي يمتلك ابتسامة جميلة وصوتًا رائعًا، وأن هناك الكثيرون مثله.

كما ينبغي عليك أن تعتني بنفسك جيدًا، فالكثير من الرجال والنساء يبدأون في تدمير أنفسهم عند الشعور بالفشل في العلاقات. بعض النساء، على سبيل المثال، عندما تنتهي علاقة عاطفية، يشعرن بعدم الحاجة للاعتناء بمظهرهن، مما يؤدي إلى تقليل ثقتهن بأنفسهن. لذا، عند انتهاء أي علاقة، يجب أن تعتني بنفسك وتوليها اهتمامك، وبذلك يمكنك تحويل آلامك إلى قوة تدفعك للأمام بدلاً من أن تكون سببًا في تدميرك. اخرج واستمتع بالحياة.