ثبت في السنة النبوية النهي عن نتف الشعر الأبيض، وهذا كراهة وليس تحريماً، وقد أكدت السنة النبوية على فضل الشيب وعدم نتفه لأنه نورووقار للمسلم، والوقار يحمي الإنسان من الغرور والتسويف، ويقوده إلى الطاعة والتوبة.
لماذا نهى النبي عن نتف الشيب الأبيض من الشعر؟
إن فضل الشيب المذكور في الأحاديث النبوية يجعل المسلم يرغب في ترك نتفه وإزالته، فمن أراد نتفه أو إزالته فليتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه الترمذي وصححه الألباني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه أن النبي صلى الله عليه وسلم: (نهى عن نتف الشيب، وقال: إنه نور المسلم)، وقوله: (من شاب شيبةً في الإسلامِ كانت له نوراً يوم القيامة، فقال رجلٌ عند ذلك: فإنَّ رجالًا ينتِفون الشّيبَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شاء فلْينْتِفْ نورَه) حسنه الألباني في صحيح الترغيب.
وروى مسلم عن أنس رضي الله عنه أنه قال: “يكره أن ينتف الرجل الشعرة البيضاء من رأسه ولحيته”، وقال النووي:” لو قيل يحرم النتف للنهي الصريح الصحيح لم يبعد”.
حكم نتف الشيب الأبيض
أما عن حكم نتف الشعر الأبيض، فإنه يكره نتف الشيب من الرأس أو من الشارب للأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، منها: ما رواه الترمذي (1634) عن كَعْبُ بْنَ مُرَّةَ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الْإِسْلَامِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ).
وفي مسند أحمد وسنن الترمذي ( 1635 ) عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
وروي البيهقي في “شعب الإيمان” عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الشيب نور المؤمن, لا يشيب رجل شيبة في الإسلام إلا كانت له بكل شيبة حسنة، ورفع بها درجة ) سلسلة الأحاديث الصحيحة (1243)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تنتفوا الشيب, فإنه نور يوم القيامة , من شاب شيبة في الإسلام كانت له بكل شيبة حسنة، ورفع بها درجة ).
وروى ابن عدي والبيهقي في “شعب الإيمان” عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الشيب نور في وجه المسلم، فمن شاء فلينتف نوره) . سلسلة الأحاديث الصحيحة (1244).
الحكمة في النهي عن نتف الشيب
الشيب يذكر المسلم بالله وبالآخرة وبالموت، فمن كبر في السن مات جزء منه، والشيب موعظة للإنسان، ويجب على المؤمن أن لا يكره الشيب، بل ينبغي له أن ينتفه ويشكر الله على أن منحه هذه المدة ويستعين بالله على طاعته، فهذه الأحاديث تشير إلى أنه يكره نتف الشيب من شعر الرأس أو من اللحية، ولا فرق بينهما في الحكم لعموم هذه الأحاديث.
حكم صبغ الشعر باللون الأسود
والجدير بالذكر، أن الفقهاء اختلفوا في حكم صبغ الشعر باللون الأسود مع اتفاقهم على جوازه في الحرب، ليظهر المجاهدون أكثر شبابًا وجَلَدًا وقوةً ليكون ذلك أهْيَبَ للعدو؛ فمنهم من يقول بكراهته، والآخر من قال بتحريمه فيما عدا الجهاد، ومنهم من رخّص فيه مطلقًا ورأى أنه لا حرج على فاعله.
ودليل من قال بتحريمه: فهو ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يَكُونُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَخْضِبُونَ بِالسَّوَادِ كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ، لَا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ» رواه أبو داود والنسائي.
وأما عن الرأي بالجواز فأصحاب هذا الرأي يستدلون بحديث صهيب الخير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ أَحْسَنَ مَا اخْتَضَبْتُمْ بِهِ لَهَذَا -أي للشيب- السَّوَادُ؛ أَرْغَبُ لِنِسَائِكُمْ فِيكُمْ، وَأَهْيَبُ لَكُمْ فِي صُدُورِ أعدَائكم» رواه ابن ماجه وحسَّنه البوصيري.