عثر العمال أثناء عمليات الحفر على شبكة من الأنفاق التي تمتد تحت المنازل الحجرية في ولاية ماردين جنوب شرق تركيا، والتي يعتقد أنها أكبر مدينة تحت الأرض في البلاد وقد اكتشف حتى الآن أكثر من خمسين قاعة، متصلة بنفق بطول 120 متراً، وزينت جدران بعض القاعات برسوم غامضة كصورة حصان مزخرفة و8 نجوم وأشجار ويد إنسان بالغ.
وأفاد مسؤولون محليون: “قمنا بحفر أكثر من 8200 متر مربع من مساحة إجمالية تقدر بـ 900 ألف متر مربع، مما يجعلها أكبر مدينة تحت الأرض في الأناضول وربما في العالم”.
ويشير الباحثون إلى أن الناس في العصور القديمة لجأوا إلى هذه الكهوف للنجاة من الظروف المناخية القاسية والأعداء والحيوانات المفترسة والأمراض، حتى تحولت إلى مدينة حضارية حقيقية.
وتعتبر هذه المنطقة، التي تقع على الحدود مع سوريا قرب بلاد ما بين النهرين، مركزاً للصراعات عبر التاريخ، حيث تعاقبت عليها الإمبراطوريات الكبرى وسكنتها جماعات دينية متنوعة مثل الوثنيين واليهود والمسيحيين والمسلمين، وتحمل المدينة المخفية تحت الأرض اسم مدينة ماتياتي، وهو الاسم الذي كان مستخدماً في الألفية الأولى قبل الميلاد.
يقود النفق إلى قاعة ذات أرضية محفورة في كتلة من الحجر الجيري، وسطها حجر قد يكون استُخدم للاحتفالات أو لتقديم القرابين وتظهر على الجدران آثار الضربات التي تمّت لفتح الممر في الحجر. ويُعتقد أن “اليهود والمسيحيين وجدوا في هذا المكان ملاذاً لممارسة دينهم في فترات الحظر”.
وأوضح الدكتور أكرم أكمان، مؤرخ جامعة ماردين، أن “هذه الأراضي كانت ساحة نزاع عنيف بين الأشوريين والفرس والرومان ثم البيزنطيين قبل وصول العرب”.
وأشار إلى أن “المسيحيين في المنطقة بدؤوا بناء العديد من الأديرة المحصنة في القرنين الخامس والسادس”، مُنشئين إياها في الجبال بعيداً عن أطماع الغزاة وأكد أن “الناس استمروا في استخدام هذا المكان للإقامة حتى بعد توقف الهجمات، خاصة عندما أصبحت المسيحية الدين الرسمي للإمبراطورية البيزنطية”.