في خبر يعتبر من أبرز الاكتشافات في قطاع الطاقة أعلنت شركة “إيكوبترول” الكولومبية بالتعاون مع شركة “بتروبراس” البرازيلية عن اكتشاف حقل غاز طبيعي ضخم قبالة سواحل البحر الكاريبي تحديداً بالقرب من مدينة سانتا مارتا، هذا الاكتشاف يعد من الأضخم في المنطقة وقد يساهم بشكل كبير في زيادة احتياطيات الغاز الطبيعي في كولومبيا، وهو ما يثير التساؤلات حول التأثيرات الاقتصادية والبيئية المحتملة لهذا الاكتشاف بالإضافة إلى انعكاساته على السياسة الطاقوية في البلاد.
اكتشاف الحقل
تم اكتشاف حقل الغاز في عام 2022 ولكن الإعلان الرسمي عن حجم الاحتياطيات تم في 4 أكتوبر 2024، حسب التصريحات الرسمية من شركة “إيكوبترول” تقدر احتياطيات الحقل بنحو 6000 مليار قدم مكعبة من الغاز، هذه الكميات الهائلة تضع كولومبيا في موقع قوي على خارطة الدول المنتجة للغاز ما يمكن أن يساهم في تحسين الاقتصاد الوطني بشكل ملحوظ، إذا أضفنا هذه الاحتياطيات إلى ما تمتلكه كولومبيا بالفعل فقد يتضاعف المخزون الوطني من الغاز الطبيعي وهو ما يفتح آفاقاً واسعة لتطوير البنية التحتية للطاقة وتحقيق الأمن الطاقوي على المدى الطويل.
وتعليقاً على الاكتشاف صرح روجيريو سواريس المدير العام للأصول الاستكشافية في “بتروبراس” أن هذا الحقل يمتلك القدرة على تعزيز الاحتياطيات الكولومبية بشكل كبير مما يجعله أحد الاكتشافات الأكثر أهمية في تاريخ المنطقة من حيث قيمة الإنتاج والإمدادات المستقبلية، كما أشار إلى أن حجم الحقل يقارب حقل “كوتشوبا” في ريوهاتشا الذي يزود البلاد بالغاز منذ 45 عاماً.
السياق السياسي
بينما يشكل هذا الاكتشاف تقدمًا اقتصاديًا كبيرًا لكولومبيا فإنه يأتي في وقت حساس من تاريخ البلاد حيث تشهد الحكومة بقيادة الرئيس اليساري غوستافو بيترو نقاشات قوية بشأن سياسة الطاقة، منذ توليه منصبه في منتصف عام 2022 بدأ بيترو تنفيذ سياسات تهدف إلى التحول الطاقوي وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري لا سيما النفط والغاز والفحم. هذه السياسات تنسجم مع التوجهات العالمية للحد من الانبعاثات الكربونية والانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة.
أعلنت الحكومة الكولومبية عن خطة طموحة بقيمة 40 مليار دولار تهدف إلى دعم التحول الطاقوي وهي خطوة تعكس التزام البلاد بالمشاركة في الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي، ومع ذلك هذه السياسات قوبلت بانتقادات واسعة من المعارضة وبعض النقابات النفطية التي ترى أن الانتقال السريع قد يضر بالأمن الاقتصادي للبلاد خاصة في ظل أهمية قطاع النفط والغاز كمصدر رئيسي للإيرادات.
التحديات البيئية والاقتصادية
رغم الفوائد المحتملة للاكتشاف الجديد إلا أن هناك تحديات بيئية واقتصادية قد تطرأ في المستقبل، من جهة إن عمليات استخراج الغاز الطبيعي قد تؤثر على البيئة البحرية وتسبب أضرارًا لنظام البيئة البحرية الغني الذي يعاني بالفعل من تهديدات متعددة بسبب الأنشطة البشرية، كما أن استغلال هذه الموارد يحتاج إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية والأنظمة التقنية اللازمة لاستخراج الغاز ونقله إلى الأسواق الداخلية والدولية.