كشفت مصادر موثوقة لوكالة رويترز للأنباء، عن أن الحكومة المصرية تدرس حاليا خططا لتقليل الاعتماد على استيراد القمح، وذلك كجزء من جهودها للحد من الإنفاق العام، وتتضمن هذه الخطط، إمكانية إضافة الذرة أو الذرة الرفيعة إلى مكونات الخبز المدعوم، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى توفير كميات كبيرة من القمح المستورد.
معارضة شديدة من أصحاب المخابز
على الرغم من أن هذه المقترحات قد تساهم في توفير ملايين الدولارات للحكومة المصرية، إلا أنها تواجه معارضة شديدة من أصحاب المخابز والمطاحن.
وهؤلاء الأطراف يخشون من أن يؤدي هذا التغيير إلى خسائر مالية، كما يعبرون عن قلقهم بشأن التأثير السلبي المحتمل على جودة الخبز، الذي يستهلكه المواطنون المصريون.
ويأتي هذا التوجه الحكومي، في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر، والتي تتمثل في ارتفاع الديون والتضخم ونقص العملات الأجنبية.
وتعتبر الحكومة أن برنامج دعم الخبز يمثل عبئا كبيرا على الميزانية العامة للدولة، وتسعى إلى تقليص هذا العبء تدريجيا من خلال اتخاذ مثل هذه الإجراءات.
خلط دقيق القمح بالذرة
كشفت مصادر مطلعة في قطاع المخابز، عن أن أحدث خطة اقترحتها وزارة التموين، تتضمن خلط دقيق الذرة مع دقيق القمح بنسبة 1:4، وذلك بدءا من شهر أبريل المقبل.
وتشير التقديرات، إلى أن هذا الإجراء قد يؤدي إلى توفير ما يقرب من مليون طن من القمح سنويا، ما يساهم في تخفيف الضغط على ميزانية الدولة.
وأفادت ثلاثة مصادر مطلعة على الأمر، بأن الحكومة المصرية قررت إلغاء خطة سابقة كانت تهدف إلى زيادة نسبة استخراج الدقيق من القمح المستخدم في إنتاج الخبز المدعوم.
وجاء هذا القرار بعد مواجهة معارضة قوية من الجهات المعنية بقطاع صناعة الخبز، والتي أعربت عن مخاوفها من الآثار السلبية المحتملة لهذا الإجراء على جودة المنتج النهائي.
تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح
لطالما سعت مصر إلى تحقيق قدر أكبر من الاكتفاء الذاتي في إنتاج الغذاء، وطرحت الحكومة في الماضي عدة مقترحات لاستبدال جزء من القمح المستخدم في صناعة الخبز بمحاصيل أخرى، مثل الذرة.
ولكن، وبعد تجربة سابقة استمرت لعدة سنوات في استخدام الذرة كمكون أساسي في الخبز، تم التخلي عن هذا النهج نتيجة لضغوط من بعض الجماعات داخل القطاع.
ويعتقد الخبراء، أن إضافة دقيق الذرة إلى مكونات الخبز يمكن أن يساهم في توفير كميات كبيرة من العملة الصعبة التي تنفقها مصر على استيراد القمح، وخاصة إذا تم استخدام الذرة المنتجة محليا بدلا من استيرادها من الخارج.
وتشير البيانات الصادرة عن مجموعة بورصات لندن، إلى أن سعر طن القمح الروسي، الذي تعتمد عليه مصر بشكل كبير في استيراداتها، يبلغ حوالي 220 دولارا أمريكيا في السوق العالمية حاليا.
بينما يبلغ سعر طن الذرة حوالي 200 دولار أمريكي، وهذا يعني أن استخدام الذرة بدلا من القمح، يمكن أن يؤدي إلى تحقيق وفورات مالية كبيرة.
أعرب أحد المتعاملين في سوق الحبوب بالقاهرة، عن شكوكه في حجم التوفير الذي ستحققه الحكومة من خلال خططها لتغيير مكونات الخبز، موضحا أن الفرق في التكلفة بين القمح والذرة لن يتجاوز 35 إلى 41 دولارا للطن، وهو هامش ربح ضئيل نسبيا.
رفض شعبي منتظر
أجمعت المصادر التي تحدثت إلى «رويترز» على أن هذا التغيير المقترح قد لا يحظى بقبول شعبي، فإضافة الذرة إلى مكونات الخبز قد يؤدي إلى تغير في الملمس والرائحة، مما قد يقلل من جودة الخبز الذي اعتاد عليه المستهلكون المصريون.
ومن الجدير بالذكر أن مصر تعتبر من أكبر مستوردي القمح في العالم، حيث تحتاج إلى نحو 8.25 مليون طن من القمح سنويا، لتوفير الخبز المدعوم لملايين المواطنين.
وتعتمد الحكومة على مزارعي القمح المحليين لتوفير حوالي 3.5 مليون طن من هذا الاحتياج، بينما يتم استيراد الباقي من الخارج.