يعد حقل نصر البحري في إمارة أبوظبي واحداً من أبرز المشاريع النفطية في دولة الإمارات والذي منذ اكتشافه في عام 1971 بات يشكل حجر الزاوية في خطط الإمارات لتعزيز إنتاجها النفطي البحري، هذه الحقول لا تعكس فقط ثروات الإمارات من الطاقة بل أيضًا قدرتها على التكيف مع المتغيرات العالمية في تقنيات الاستخراج والتكرير، في هذا السياق قدم حقل نصر البحري نموذجًا فريدًا في استخدام الذكاء الاصطناعي لتشغيل الآبار مما يساهم في تعزيز الإنتاج بشكل كبير ويعكس التزام الدولة بدمج الابتكارات التكنولوجية في قطاع الطاقة.
البداية وتطور الحقل
على الرغم من أن حقل نصر البحري اكتشف في السبعينيات إلا أن الإنتاج الفعلي من هذا الحقل لم يبدأ إلا في يناير 2015 وذلك بعد أن أنجزت شركة “أدما العاملة” وهي شراكة مملوكة بنسبة 60% لشركة أدنوك الإماراتية جميع المنشآت المرتبطة بالمرحلة الأولى من تطويره، خلال هذه المرحلة بدأ الإنتاج بقدرة متواضعة بلغت حوالي 6 آلاف برميل يوميًا لكن الحقل سرعان ما شهد نموًا كبيرًا بفضل تطوير منشآت إضافية وإدخال تقنيات حديثة.
وفي العام ذاته تم تعزيز الإنتاج بزيادة قدرها 22 ألف برميل يوميًا ومن ثم التوسع إلى 43 ألف برميل يوميًا بحلول عام 2018، هذا التوسع الكبير مهد الطريق لتجهيز الحقل ليصل إلى طاقة إنتاجية تصل إلى 65 ألف برميل يوميًا، وقد كان هذا التوسع جزءاً من استراتيجية الإمارات الطموحة لتعظيم إنتاجها النفطي وتأكيد مكانتها كلاعب رئيسي في سوق النفط العالمي.
تقنيات حديثة لزيادة الإنتاج
على الرغم من أن حقل نصر البحري يمتاز بموارده الطبيعية فإن التحدي الكبير يكمن في استخدام أحدث تقنيات الاستكشاف والإنتاج لتعظيم الاستفادة من تلك الموارد، في هذا الإطار قامت شركة أدنوك بإدخال تقنيات متطورة ومشاريع هندسية لتعزيز كفاءة الإنتاج.
من أبرز هذه التقنيات استخدام نظام “روبو ويل” المدعوم بالذكاء الاصطناعي في عمليات التحكم الآلي للآبار، في يوليو 2024 أصبحت شركة أدنوك أول شركة في العالم تستخدم هذا النظام في الحقول البحرية حيث يعتمد على خوارزميات متقدمة لتشغيل الآبار بشكل آلي مما يساهم في تقليل التدخل البشري تحسين الكفاءة وتعزيز السلامة في العمليات التشغيلية، ومن خلال هذه التكنولوجيا، تستطيع الآبار تعديل عملياتها بشكل تلقائي وفقاً للظروف البيئية والتشغيلية المتغيرة مما يؤدي إلى تقليل الانبعاثات وتعظيم العوائد.
الشراكات العالمية في إدارة الحقل
حقل نصر البحري لا يعد مشروعا محليًا فحسب بل هو نتاج شراكات استراتيجية مع شركات دولية كبرى، تشارك في إدارة الحقل شركة “أدما العاملة” وهي تحالف يضم شركة أدنوك الإماراتية بنسبة 60% وبي بي (BP) البريطانية بنسبة 14.67% وتوتال إنرجي الفرنسية بنسبة 13.33% بالإضافة إلى شركة النفط اليابانية جودكو بنسبة 12%، هذه الشراكات الدولية تعكس التعاون الوثيق بين الإمارات والدول الكبرى المنتجة للطاقة مما يساهم في تبادل الخبرات والتقنيات الحديثة ويعزز من فاعلية العمليات التشغيلية.
مشروعات البنية التحتية وتعزيز الإنتاج
شهد حقل نصر البحري تحديثات كبيرة على مستوى البنية التحتية منذ بداية عمليات الإنتاج، ففي عام 2015 تم إضافة 22 ألف برميل يوميًا بعد تركيب برجين جديدين لآبار النفط ليخدموا نحو 22 بئرا جديدة مما ساعد على زيادة القدرة الإنتاجية بشكل ملحوظ، كما تم تنفيذ أعمال تطوير أخرى مثل إضافة شبكة أنابيب مغمورة وخطوط ألياف ضوئية لنقل البيانات ما ساهم في تحسين تدفق النفط ومعالجة البيانات التشغيلية بشكل أسرع وأكثر فعالية.