تعتبر “عين الصحراء” في موريتانيا واحدة من أبرز المعالم الطبيعية التي تُثير فضول العلماء والسياح على حد سواء و تتميز هذه التكوينات الجيولوجية الفريدة بحلقاتها الدائرية المتدرجة، التي يصل قطرها إلى 50 كيلومترًا، مما يجعلها مرئية من الفضاء، وهذا ما أكسبها شهرة واسعة.
اكتشاف “عين الصحراء”
تم اكتشاف “عين الصحراء” من قبل العالم الفرنسي تيودور مونو في ثلاثينيات القرن الماضي رمنذ ذلك الحين، أثار الموقع اهتمام العلماء الذين وضعوا عدة فرضيات حول أصله واعتبر البعض أن هذه الحلقات الدائرية هي نتيجة لانفجار بركاني، بينما اقترح مونو في عام 1946 أن تكون الحفرة ناتجة عن سقوط نيزك إلا أن بعثة فضائية أمريكية أكدت في عام 1965 أن الموقع لا يحتوي على مكونات جيولوجية غير مألوفة، مما زاد من غموضه.
فرضيات جديدة
في عام 2008، توصل الباحث الكندي غيوم ماتون إلى استنتاج جديد، حيث اعتبر أن “عين الصحراء” هي قبة جيولوجية ناتجة عن انصهار عميق تحت الأرض واستند في استنتاجه إلى أكثر من 100 عينة صخرية، مما أعاد فتح باب البحث حول طبيعة هذا المعلم الفريد ويعتبر الموقع الآن واحدًا من أكثر المعالم جذبًا للعلماء في موريتانيا، وقد صنفه الاتحاد الدولي للعلوم الجيولوجية كواحد من المواقع الأعلى قيمة علميًا.
التركيبة الجيولوجية
تحتوي “عين الصحراء” على نوعين نادرين من الصخور: صخر الكاربوناتيت وصخر الكيمبيرلايت، اللذان يرتبطان عادةً بمعادن قيمة، بما في ذلك الألماس وأوضح أحمد ولد الطالب محمد، متخصص في الجيولوجيا، أن التركيبة الجيولوجية للموقع تشمل حلقتين دائريتين من صخر الغابرو، مما يعزز من القيمة العلمية لهذا المعلم.
أهمية الحماية والتصنيف
أشار أحمد مولود الهلالي، رئيس قسم التاريخ في جامعة نواكشوط، إلى أهمية مرسوم حماية “عين الصحراء” كإرث تراثي وطني وأكد على ضرورة العمل على تصنيف الموقع كحديقة جيولوجية معترف بها دوليًا، لتخضع لمعايير التراث العالمي وتسعى موريتانيا من خلال هذا المرسوم إلى حماية تراثها الثقافي والطبيعي، حيث تم إدراج “عين الصحراء” ضمن أبرز 100 موقع من الموروث الجيولوجي العالم
تشكل “عين الصحراء” رمزًا للغموض والجمال الطبيعي في موريتانيا، وتجسد التنوع الجيولوجي الغني الذي يمكن أن تفتخر به البلاد وإن الحفاظ على هذا الموقع وحمايته يعد خطوة مهمة نحو تعزيز التراث الإنساني العالمي وضمان أن تبقى هذه المعالم الطبيعية للأجيال القادمة.