في السنوات الأخيرة بدأت بعض الدول تواجه تحدي متزايد يتمثل في تراجع عدد سكانها خصوصا في المناطق الريفية والنائية عن المدن الكبرى، وقد دفع هذا التراجع العديد من الحكومات إلى تطوير استراتيجيات جديدة لجذب سكان جدد وتعزيز الاستقرار السكاني في تلك المناطق، من ضمن هذه الاستراتيجيات تقديم حوافز سخية تشمل دعم مالي تسهيلات لشراء العقارات وإعفاءات ضريبية، بهدف إحياء المجتمعات التي تأثرت بالانكماش السكاني وتنشيط اقتصاداتها المحلية.
تأتي هذه المبادرات في سياق جهود الدول لإيجاد حلول فعالة لمشكلة التراجع السكاني حيث تهدف إلى جذب الأفراد والعائلات الراغبة في الانتقال إلى مناطق جديدة توفر لهم فرصا مميزة لحياة أفضل سواء كانوا يبحثون عن منازل بأسعار مناسبة أو بيئة هادئة بعيداعن ضجيج المدن، من خلال هذا التقرير سنقوم بمراجعة بعض الدول التي قدمت هذه الحوافز والفرص المغرية للراغبين في الانتقال.
إحياء القرى المهجورة في إيطاليا
تعتبر إيطاليا من الدول الرائدة التي قدمت حوافز سخية لجذب السكان الجدد خصوصاًإلى القرى الريفية التي أصبحت شبه مهجورة، فمدينة “كانديلا” في جنوب إيطاليا والمعروفة بلقب “نابولي الصغيرة” توفر منح مالية تصل إلى 2000 يورو للسكان الجدد، يهدف هذا البرنامج إلى أحياء المدينة التي عانت من تراجع كبير في عدد السكان على مدى العقود الأخيرة تأتي هذه المبادرة كجزء من خطة شاملة في إيطاليا لإحياء المدن الصغيرة والقرى المهجورة من خلال جذب العائلات الشابة والمستثمرين لتجديد طابعها العمراني والثقافي.
التخفيف من الاكتظاظ الحضري في اليابان
تواجه اليابان مشكلة متناقضة حيث تعاني المدن الكبرى من الاكتظاظ بينما تعاني المناطق الريفية من نقص حاد في السكان لمعالجة هذه المشكلة تقدم الحكومة اليابانية مجموعة من الحوافز لتحفيز المواطنين على الانتقال إلى المناطق الريفية، تشمل هذه الحوافز منح مالية و إعانات للسكن وتوفير فرص عمل للمقيمين الجدد، كما تهدف هذه الخطط إلى تعزيز الاقتصاد المحلي في تلك المناطق المهملة، وفي الوقت نفسه تخفيف الضغط على المدن الكبرى مثل طوكيو وأوساكا.
البرتغال وجهة مفضلة للمتقاعدين
أصبحت البرتغال وجهة مميزة للوافدين لا سيما المتقاعدين بفضل تقديمها حوافز ضريبية جذابة وتسهيلات في شراء العقارات، كما توفر الحكومة البرتغالية برامج تمنح الأجانب فرصة الإقامة مقابل استثمارهم في العقارات أو المشاريع الاقتصادية مما يسهم في تعزيز اقتصاد البلاد وتنشيط المناطق القليلة الكثافة السكانية.
جزر اليونان تنتظر السكان الجدد
تعتبر اليونان من الدول التي تسعى لجذب السكان الجدد خصوصا إلى جزرها الساحرة التي تعاني من نقص في السكان، بعض الجزر تقدم مساعدات مالية وسكن مجاني للعائلات الشابة التي تختار الانتقال إليها بهدف إحياء هذه المناطق التي كانت مزدحمة بالسكان في السابق، توفر الجزر اليونانية أسلوب حياة هادئ وجذاب لمن يرغب في الابتعاد عن صخب المدن.
قرى إسبانيا تبحث عن سكان
في إسبانيا بدأت بعض القرى النائية بتقديم حوافز مالية تصل إلى 3000 يورو لجذب سكان جدد، إلى جانب توفير فرص عمل وسكن بأسعار معقولة على سبيل المثال، تقدم بلدة بونجا في منطقة كانتابريا 2600 جنيه إسترليني لكل شخص ينتقل للعيش فيها بالإضافة إلى مبلغ إضافي لكل طفل يولد في القرية، الهدف من هذه المبادرة هو جذب العائلات الشابة وإنعاش الاقتصاد المحلي من خلال تعزيز الوجود البشري في تلك المنطقة الجبلية الجميلة.
سويسرا تقدم 50 ألف مقابل الاستقرار
تواجه سويسرا التي تشتهر بجمال طبيعتها ورفاهية الحياة فيها مشكلات تتعلق بتناقص عدد السكان في بعض القرى، قرية البينين السويسرية تعرض حافز مالي يصل إلى 50 ألف فرانك سويسري لكل أسرة تقرر الاستقرار فيها لمدة لا تقل عن 10 سنوات، الشرط الوحيد هو الاستثمار في العقارات أو الالتزام بالإقامة الدائمة مما يساعد في تعزيز الاستقرار السكاني والاقتصادي للقرية.
الدوافع وراء هذه المبادرات
تعمل هذه الدول من خلال هذه المبادرات لتحقيق مجموعة من الأهداف ، تشجيع النمو الاقتصادي في المناطق الريفية والنائية التي تعاني من قلة السكان، تهدف إلى الحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي لتلك المناطق حيث أن العديد من القرى والبلدات تحتفظ بتقاليد قديمة مهددة بالزوال إذا لم يتم إحياؤها سكانيا ، تهدف هذه الدول إلى توفير فرص حياة جديدة للأشخاص الذين يبحثون عن تجربة مختلفة بعيدا عن صخب المدن الكبرى.
التحديات والمغريات
على الرغم من أن هذه الحوافز تبدو جذابة إلا أنه توجد عدة عوامل ينبغي مراعاتها قبل اتخاذ قرار الانتقال، قد يكون التكيف مع لغة جديدة وفهم الثقافة المحلية بالإضافة إلى الالتزام بالإقامة لفترة طويلة تحديات لبعض الأشخاص ومع ذلك، يعتبر أولئك الذين يسعون لتغيير نمط حياتهم أو يرغبون في الابتعاد عن حياة المدينة أن هذه العروض تمثل فرصة رائعة لتجربة حياة جديدة في بيئة طبيعية وثقافية مختلفة.