أعلنت الحكومة مؤخرًا عن زيادة أسعار الوقود، مما يُتوقع أن يرفع تكاليف الإنتاج في عدة قطاعات، بدءًا من الزراعة والصناعة وصولًا إلى العقارات والإنشاءات. وفقًا لتقديرات 15 مستثمرًا ورئيس شركة، يُتوقع أن تتراوح الزيادة في أسعار السلع والخدمات بين 2 و15% حسب القطاع.
ارتفاع سعر الوقود
وذكرت بعض المواقع أن مصر قد قامت برفع أسعار الوقود، يوم الجمعة الماضية، للمرة الثالثة خلال هذا العام. شملت الزيادة جميع أنواع البنزين والسولار والمازوت الصناعي، بنسب تتراوح بين 7.7% و17%. ويأتي هذا الإجراء كجزء من جهود الحكومة لتقليل الفجوة بين أسعار بيع المنتجات البترولية وتكاليفها الإنتاجية والاستيرادية المتزايدة.
قال مصطفى النجاري، رئيس لجنة الزراعة والري بجمعية رجال الأعمال المصريين، إن ارتفاع أسعار المحروقات سيؤدي إلى زيادة تكلفة الإنتاج الزراعي بمعدل 10% في المتوسط. وأوضح أن ارتفاع أسعار السولار سيؤثر على جميع مدخلات الإنتاج المستخدمة في العمليات الزراعية، سواء في الري أو الزراعة نفسها، وتوقع النجاري أيضًا أن تشهد تكلفة إنتاج التقاوي والبذور والعمالة ارتفاعًا نتيجة هذه القرارات الأخيرة، مما قد يؤثر على استدامة القطاع الزراعي في المستقبل.
زيادات متوقعة في المنتجات الصناعية
أوضح مجد الدين المنزلاوي، رئيس لجنة الصناعة بجمعية رجال الأعمال، أن أسعار المنتجات الصناعية قد ترتفع بين 2 و5% بناءً على نوعية كل منتج. وأشار إلى أن هذه الزيادة تُعزى إلى مصاريف التشغيل، التي تمثل ما بين 10 و15% من قيمة المنتج النهائي، حسب طبيعة كل منتج صناعي.
في سياق متصل، أعلنت الحكومة عن الإبقاء على أسعار المازوت المستخدم في الكهرباء والصناعات الغذائية دون تغيير. وفيما يخص البنزين، فقد تقرر رفع سعر لتر بنزين 80 (الأقل جودة) بنسبة 12.2% ليصل إلى 13.75 جنيه، بينما ارتفع سعر لتر بنزين 92 بنسبة 10.9% ليصبح 15.25 جنيه. كما تم تحديد سعر لتر بنزين 95 (الأعلى جودة) ليصل إلى 17 جنيهًا بعد الزيادة. ومن جهة أخرى، ارتفع سعر لتر السولار بنسبة 17.4% ليصل إلى 13.50 جنيه، وزاد سعر الكيروسين بنفس النسبة. كما ارتفعت أسعار المازوت الموجه للمصانع بنسبة 11.8% ليصبح 9500 جنيه.
ارتفاع أسعار الأسمنت
توقع أحمد شيرين كريم، رئيس شعبة الأسمنت باتحاد الصناعات المصرية، ارتفاع أسعار الأسمنت نتيجة لزيادة سعر طن المازوت المورد للمصانع بنسبة 12% ليصل إلى 9500 جنيه، مقارنة بـ8500 جنيه سابقًا. وأشار إلى أن هناك حسابات جارية لتقدير الزيادة الفعلية، مؤكدًا أن ارتفاع سعر لتر السولار بمقدار جنيهين سيكون له تأثير كبير على الأسعار ضمن سلاسل الإمداد وتجار التجزئة. ولفت إلى أن الزيادة قد تختلف حسب كل محافظة وقربها من المصانع.
في سياق متصل، قال هاني برزي، رئيس شركة «إيديتا» المصرية للأغذية، إن أسعار المحروقات، بما في ذلك الكهرباء، تمثل 2% من تكلفة الإنتاج، مما يعني أن تكلفة الإنتاج سترتفع بسبب هذه الزيادات. وأوضح أن قطاع التوزيع سيتأثر بشكل كبير نتيجة لارتفاع أسعار البنزين والسولار.
وأضاف برزي: «سنقوم بدراسة رفع أسعار منتجاتنا بعد زيادة أسعار المواد البترولية، لكن لا يمكن الجزم بالزيادة أو التنبؤ بها في الوقت الحالي. سنبذل قصارى جهدنا لتحمل تكلفة الزيادة دون تمريرها للمستهلك، نظرًا لتراجع القوة الشرائية مؤخرًا، لذا قد لا نقرر الزيادة على الرغم من تأثيرنا المباشر».
ماذا سيحدث في سوق الأجهزة الكهربائية؟
توقع بهاء دميتري، نائب رئيس شركة «فريش» للأجهزة المنزلية، أن تأثير ارتفاع أسعار الطاقة على صناعة الأجهزة الكهربائية سيكون محدودًا، حيث تعتمد المصانع بشكل رئيسي على الكهرباء في عمليات الإنتاج. وأوضح أن تكلفة النقل تؤثر على سعر المنتج النهائي بنسبة تتراوح بين 1 إلى 2% من التكلفة الإجمالية.
من جانبه، أكد شريف الصياد، رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية ورئيس مجلس إدارة شركة تريدكو، أن ارتفاع أسعار الوقود سيؤثر على أسعار المنتجات التامة، مثل الأجهزة المنزلية، بنحو 2%. وأشار إلى أن الزيادة في الأسعار ستكون محدودة نتيجة لارتفاع تكاليف الشحن والنقل، وأن بعض الشركات تحاول امتصاص تلك الزيادات في التكاليف، خاصة في ظل السوق الحالية التي لا تتحمل أي زيادات. ومع ذلك، من المتوقع أن تقوم الشركات بإدخال نسبة الزيادة عند إعادة التسعير مستقبلًا.
زيادة «مؤكدة» في العقارات
يمتد أثر زيادة أسعار الوقود ليشمل القطاع العقاري بشكل ملحوظ، حيث يرى طارق شكري، رئيس غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية، أن سعر الوقود يعد عنصراً أساسياً في عملية تصنيع الخامات ومواد البناء. ولفت إلى أن الزيادة المرتقبة في أسعار الخامات ستلزم المطورين العقاريين بإعادة تسعير مشاريعهم استنادًا إلى التكاليف الجديدة، مما يجعل من الصعب تحديد حجم الزيادة المتوقعة في أسعار العقارات، التي ستختلف بين المطورين.
ومن جانبه، أضاف محمد محلب، الرئيس التنفيذي لشركة رواد الهندسة الحديثة، أن ارتفاع أسعار الوقود، وخاصة السولار، يؤثر بشكل مباشر على كافة مكونات صناعة الإنشاءات، بدءًا من أعمال الحفر وصولًا إلى الخرسانة. وأكد أن نسبة الزيادة في التكاليف غالبًا ما تكون أكبر من زيادة أسعار السولار، الذي يمثل مكونًا رئيسيًا في نشاط المقاولات، مما يشير إلى توقعات بزيادة ملحوظة في أسعار العقارات في المستقبل القريب.