تُعد الحضارة المصرية القديمة واحدة من أكثر الحضارات التي تثير فضول العلماء والباحثين حول العالم. إذ تحمل بين طياتها العديد من الألغاز والأسرار التي لم تُكشف بعد بشكل كامل وتُساهم الاكتشافات الأثرية المستمرة في فهم هذه الحضارة وتوثيقها بأدلة علمية صلبة في مجلات علمية معروفة، لكن هذه الاكتشافات ترافقها أحياناً شائعات وادعاءات لا تستند إلى أساس علمي.
المدينة المفقودة أسفل أبو الهول
من أشهر الأساطير التي تُحيط بالحضارة المصرية القديمة هي فكرة وجود مدينة مفقودة تحت تمثال أبو الهول. يُعتبر تمثال أبو الهول رمزاً للأسرار المصرية، وقد انتشرت شائعات حول وجود ممرات أو مدينة مدفونة تحته و لكن عالم الآثار المصري الدكتور زاهي حواس نفى هذه الادعاءات تمامًا، مشيرًا إلى أن الحفريات التي أُجريت أسفل التمثال أظهرت أن الصخرة التي نُحت منها تمثال أبو الهول هي صخرة صماء، ولا توجد تحتها أي ممرات أو مدينة مفقودة.
بعض الآراء تُشير أيضًا إلى أن شكل الصخرة التي نُحت منها أبو الهول كان الدافع وراء تصميم التمثال بهذا الشكل ولكن الدكتور أحمد بدران، أستاذ الآثار بجامعة القاهرة، دحض هذه الفكرة، موضحاً أن المصري القديم كان فناناً ماهراً وقصد نحت تمثال أبو الهول بهذا الشكل لأسباب رمزية وفنية، وليس بسبب إجبار شكل الصخرة على هذا التصميم ويدلل على ذلك بوجود العديد من التماثيل التي تؤكد براعة المصريين في فن النحت وصناعة التماثيل.
أسطورة مقبرة نفرتيتي خلف مقبرة توت عنخ آمون
في عام 2018، أعلنت وزارة الآثار المصرية نتائج الأبحاث التي أجرتها البعثة الإيطالية من جامعة بوليتيكنيك بتورينو، والتي نفت وجود أي غرف خلف جدران مقبرة الملك توت عنخ آمون وهذا الإعلان جاء بعد سنوات من ادعاء عالم المصريات البريطاني نيكولاس ريفز بوجود باب سري في غرفة دفن توت عنخ آمون، والذي كان يعتقد أنه يؤدي إلى مقبرة نفرتيتي.
الدكتور زاهي حواس وصف هذه الادعاءات بأنها “خزعبلات وخرافات”، مؤكداً أن النتائج العلمية التي أُجريت باستخدام أجهزة الرادار اليابانية أثبتت عدم وجود أي أدلة على وجود مقبرة لنفرتيتي خلف مقبرة توت عنخ آمون. عُقدت عدة مؤتمرات صحفية لمناقشة هذه القراءات، وجاءت النتائج مؤكدة من قبل علماء متخصصين في قراءة الرادار، أن هذه الشائعات لا تستند إلى أدلة علمية.
من جانبه، أكد رئيس البعثة البريطانية، فراشيسكو بورشيللي، أن الاختلاف في الآراء حول هذا الموضوع ليس “لغطاً”، وإنما هو جزء من التباين الطبيعي في الرؤى العلمية. وفي النهاية، تبقى الأبحاث العلمية قائمة، وهناك احتمالية أن تكون مقبرة نفرتيتي في مكان آخر لم يُكتشف بعد.