في حدث تاريخي يعتبر بمثابة لحظة فارقة في صناعة التعدين أعلنت شركة “ريو تينتو” الأسترالية الإنجليزية عن إغلاق منجم أرجيل أكبر مصدر للماس الوردي في العالم بعد 41 عامًا من الإنتاج المستمر، هذا الإغلاق يمثل نهاية فترة من الاكتشافات المذهلة التي جعلت من هذا المنجم أحد أهم المصادر الموثوقة لواحدة من أندر الأحجار الكريمة في العالم، دعونا نغوص في تفاصيل هذا الاكتشاف الفريد ونكشف عن الأسباب التي جعلت من هذه الحجارة الثمينة تحظى بهذه الشهرة العالمية.
اكتشاف منجم أرجيل
في عام 1979 وبينما كان العالم يترقب اكتشافات جديدة في عالم الأحجار الكريمة تم اكتشاف منجم أرجيل في المنطقة الغربية من كمبرلي في أستراليا، خلال سنوات قليلة أصبح هذا المنجم المصدر الرئيسي لأكثر من 90% من الماس الوردي في العالم، هذا الاكتشاف كان بمثابة طفرة في عالم المجوهرات الفاخرة حيث كان الماس الوردي نظراً لندرته يعتبر من أكثر الأحجار الكريمة المرغوبة في السوق العالمية.
وبدأت شركة ريو تينتو استثماراتها في المنجم بعد أربع سنوات من اكتشافه لتؤسس بذلك إمبراطورية تعدين فريدة، استمر العمل في استخراج الماس من هذا المنجم لأكثر من 37 عامًا مما جعله واحدًا من أطول المشروعات التعدينية في العالم.
الماس الوردي
يعتبر الماس الوردي أحد أكثر الأحجار الكريمة التي تحظى بإقبال واسع في عالم المجوهرات لكن ندرته جعلت منه مادة ثمينة يصعب العثور عليها في الطبيعة، يعود ذلك إلى الطريقة التي يتكون بها الماس الوردي حيث إن هذه الأحجار تتشكل تحت ظروف استثنائية من الضغط والحرارة مما يجعلها نادرة للغاية.
ومنذ بداية إنتاجه أصبح الماس الوردي ذو قيمة هائلة خصوصًا مع زيادة الطلب عليه في أسواق المجوهرات الفاخرة، وقد شهدت أسعاره ارتفاعًا كبيرًا في السنوات الأخيرة حيث وصلت قيمة القيراط الواحد من الماس الوردي إلى ثلاثة ملايين دولار في بعض الحالات مما جعله يتفوق على العديد من الأحجار الكريمة الأخرى.
أكثر من 865 مليون قيراط
منذ بداية العمليات التعدينية في منجم أرجيل استطاعت الشركة استخراج أكثر من 865 مليون قيراط من الماس الخام بما في ذلك كميات ضئيلة من الماس الوردي، وهذا العدد الضخم يجعل من منجم أرجيل واحدًا من أعظم الاكتشافات التعدينية في التاريخ، ومع مرور الوقت أصبح المنجم معروفًا ليس فقط بجودة الماس الذي ينتجه ولكن أيضًا بمساهمته الكبيرة في الاقتصاد الأسترالي والعالمي.
ورغم أن الماس الوردي يشكل نسبة صغيرة من الإنتاج الإجمالي إلا أن قيمته العالية جعلته حجر الزاوية في سمعة المنجم، ومن المتوقع أن يؤثر إغلاقه على سوق الماس في المستقبل حيث سوف يقل العرض بشكل كبير مما قد يؤدي إلى زيادة الأسعار.
نهاية حقبة وبداية أخرى
في عام 2020 أعلنت شركة ريو تينتو رسميًا عن قرار إغلاق منجم أرجيل بعدما استنفدت احتياطياته من الماس الوردي النادر، في عام 2024 نظمت الشركة احتفالًا وداعيًا رمزيًا لهذا المعلم التاريخي وسط أجواء من الحزن والاعتزاز بمسيرة طويلة من النجاح.
وصرح مدير المنجم أندرو ولسون خلال الحفل قائلاً: “لقد استمرت عملية الإنتاج في هذا المنجم لأكثر من أربعة عقود ولكن حان الوقت الآن لبداية فصل جديد مع إغلاقه وإعادة تأهيل الأرض”، ومن المتوقع أن يستغرق تفكيك المنجم وإيقاف تشغيله بالكامل خمس سنوات حيث سوف تبدأ الشركة في إعادة الأرض إلى أصحابها المحليين.