لطالما كانت علاقة القطط بالماء موضوعًا مثيرًا للجدل حيث يعتقد على نطاق واسع أن القطط تكره الماء وتخاف منه بشكل طبيعي، هذه الفكرة شائعة جدًا بين مربي القطط حول العالم إذ غالبًا ما يواجهون صعوبات أثناء محاولة استحمام قططهم، إلا أن هناك جوانب خفية وراء هذا السلوك وتاريخ طويل يفسر لماذا لا تجد القطط راحة في الماء وكيف أن هذه الكراهية ترتبط بعوامل بيئية وجسدية ونفسية، في هذا المقال سوف نغوص في أعماق هذه الظاهرة، مستعرضين الأسباب الرئيسية التي تجعل القطط تتجنب الماء وكيفية التعامل مع هذه المشكلة، بالإضافة إلى بعض الحقائق المثيرة التي قد تفاجئك.
أصول القطط وعلاقتها بالماء
السبب الأول الذي يجعل القطط تكره الماء يعود إلى تاريخها البيئي، يعتقد أن القطط المنزلية الحديثة تنحدر من القطط البرية مثل “فيلس سيلفستريس ليبيكا” التي كانت تعيش في البيئات الصحراوية الجافة في منطقة الشرق الأوسط، في تلك البيئات كان الماء نادرًا لذا لم تكن القطط تتعرض للماء بشكل متكرر مما جعلها تتكيف مع هذه الظروف البيئية وتصبح غير مرتاحة للماء.
منذ تلك الفترة البعيدة تطورت القطط لتصبح مخلوقات تفضل البيئات الجافة والدافئة حيث يمكنها العيش بأمان بعيدًا عن مصادر المياه مثل الأنهار والبحيرات، مع مرور الوقت تحولت هذه الخصائص إلى سلوكيات متأصلة في القطط حتى يومنا هذا ليصبح الماء أحد العوامل التي تسبب لها التوتر والقلق.
التأثير الجسدي للماء على القطط
عندما تلامس القطط الماء يتأثر فروها بشكل كبير مما يسبب لها شعورًا بعدم الراحة، فالقطط تمتلك فراء كثيفًا يعمل على عزل جسمها عن درجات الحرارة المحيطة بها وعند ملامسة الماء يصبح الفرو ثقيلًا ومبللًا مما يؤدي إلى زيادة في الوزن ويصعب على القطط تحريكه بشكل طبيعي، من خلال هذا الفهم إذا تخيلنا أننا نرتدي معطفًا مبللًا سوفونفهم كيف يمكن أن يكون هذا غير مريح للقطط.
علاوة على ذلك تعتبر القطط حيوانات نظيفة جدًا فهي تقضي وقتًا طويلًا في العناية بنظافة فروها عن طريق اللعق، ولكن عندما يتبلل الفرو بالماء تصبح عملية تجفيفه صعبة مما يسبب لها توترًا إضافيًا، وبالتالي فإن الاستحمام أو ملامسة الماء يتحول إلى تجربة غير ممتعة للقطط.
لماذا تتجنب القطط الماء
القطط بطبعها كائنات حذرة جدًا وهو سلوك تكيفي يساعدها في البقاء على قيد الحياة في بيئاتها البرية، لذا فإن أي شيء غير مألوف قد يثير لديها مشاعر الخوف والقلق، بما أن الماء ليس جزءًا من بيئتها الطبيعية أو نشاطاتها اليومية فإن أي تجربة متعلقة به تعتبر بالنسبة لها تهديدًا أو موقفًا غير مريح.
الماء بالنسبة للقطط هو عنصر مجهول ومربك، حتى لو كانت القطة غير متعرضة بشكل مباشر للماء في حياتها فإن مجرد وجوده في مكان غير مألوف لها قد يسبب لها التوتر، وضع القطة في حوض الاستحمام أو حتى رش الماء عليها قد يكون تجربة مرعبة جدًا لها.
الروائح وتأثيرها على القطط
أحد العوامل الأخرى التي تجعل القطط تتجنب الماء هو حساسيتها الكبيرة للروائح، تتمتع القطط بحاسة شم قوية جدًا وقد تكون بعض المواد الكيميائية الموجودة في ماء الصنبور مثل الكلور أو المعادن مزعجة لها، هذه الروائح الغريبة تؤدي إلى نفور القطط من الماء بحيث لا تراه مجرد وسيلة للانتعاش بل ترى فيه شيئًا قد يكون ضارًا أو مزعجًا لها.
كيف تؤثر على سلوك القطط
تعتبر التجارب السابقة مع الماء أحد العوامل التي تؤثر بشكل كبير على سلوك القطط تجاه الماء، فإذا مرت القطة بتجربة سيئة في الماضي أثناء الاستحمام أو ملامسة الماء فإن ذلك قد يترك أثرًا نفسيًا طويل الأمد، على سبيل المثال إذا تعرضت القطة لصب الماء عليها بشكل مفاجئ أو تعرضت للغمر في الماء فقد ينشأ لديها خوف مستمر من الماء طوال حياتها.
من المهم أن يدرك مربي القطط أن استخدام الماء كوسيلة للعقاب قد يؤدي إلى تفاقم هذه المخاوف ويجعل القطة أكثر مقاومة للماء في المستقبل، لذلك يجب أن يتم التعامل مع هذه الكائنات الحساسة بعناية واحترام حاجاتها الطبيعية لتفادي إيذائها نفسيًا.
هل هناك قطط تحب الماء
على الرغم من أن معظم القطط تكره الماء إلا أن هناك بعض السلالات التي تملك علاقة استثنائية مع الماء، على سبيل المثال قطط “ماين كون” و”فان التركية” تتمتع بفراء مقاوم للماء وتحب السباحة، هذه السلالات تعتبر استثناء عن القاعدة العامة حيث تجد متعة في اللعب بالماء أو السباحة، يعتقد أن هذا السلوك ربما يكون نتيجة لتطورات جينية في هذه السلالات التي تجعلها أكثر توافقًا مع الماء مقارنة بالقطط الأخرى.