في تطور غير مسبوق في مجال الطاقة أعلنت مصر عن اكتشاف هائل في البحر المتوسط يعد من أكبر حقول الغاز الطبيعي في العالم مما وضعها على خارطة الدول الرائدة في هذا المجال، حقل “ظهر” للغاز الطبيعي ليس مجرد اكتشاف تقني أو صناعي بل يعتبر حجر الزاوية في استراتيجيات مصر الاقتصادية والطاقة المستقبلية، منذ اكتشافه في عام 2015، بات هذا الحقل نقطة تحول في مستقبل مصر الاقتصادي بفضل احتياطياته الضخمة التي تقدر بـ 30 تريليون قدم مكعبة من الغاز.
ما هو حقل “ظهر”
حقل “ظهر” هو أكبر حقل غاز طبيعي في البحر الأبيض المتوسط ويعتبر من أكبر الاكتشافات في تاريخ صناعة الغاز على مستوى العالم، تم اكتشاف الحقل بواسطة شركة “إيني” الإيطالية في عام 2015 وبعد أقل من عامين في 2017 بدأ الإنتاج التجاري من هذا الحقل، ورغم التحديات التي واجهتها مصر في مراحل تطور هذا الحقل من مشاكل اقتصادية وبنية تحتية فقد أصبح حقل “ظهر” مصدرًا أساسيًا للطاقة ومساهمًا كبيرًا في تحقيق الاكتفاء الذاتي لمصر من الغاز الطبيعي.
أهمية الاكتشاف بالنسبة لمصر
يمثل اكتشاف حقل “ظهر” نقلة نوعية لمصر في مجال الطاقة، فمع احتياطياته الضخمة أصبح الحقل يسهم في تلبية احتياجات مصر من الغاز الطبيعي الذي كانت تعتمد في استيراده من الخارج مما يقلل العبء الاقتصادي الذي كانت تتحمله الدولة من أجل تأمين احتياجاتها من الطاقة، بالإضافة إلى ذلك يعد الحقل خطوة هامة نحو تعزيز مكانة مصر كمصدر رئيسي للطاقة في المنطقة وبالتالي تحسين قدرتها على تصدير الغاز إلى الأسواق العالمية وهو ما يعزز من قدرتها التنافسية في قطاع الطاقة.
القوة الاقتصادية لمصر
منذ بداية الإنتاج أصبح حقل “ظهر” مصدرًا رئيسيًا للإيرادات الاقتصادية حيث يقدر أن الاستثمارات في هذا الحقل وصلت إلى حوالي 12 مليار دولار حتى الآن مع توقعات بزيادة هذه الاستثمارات إلى 15 مليار دولار في السنوات القادمة، هذه الاستثمارات لا تقتصر على تحسين إنتاج الغاز الطبيعي بل تشمل أيضًا توفير فرص عمل جديدة وتحفيز النمو الاقتصادي في العديد من القطاعات المرتبطة بالصناعة النفطية والغازية.
تأثير الاكتشاف على الاقتصاد المصري
يعد حقل “ظهر” جزءًا أساسيًا من الاستراتيجية المصرية لتعزيز الطاقة المحلية وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، ومنذ بدء الإنتاج ساهم الحقل في تقليص الاعتماد على استيراد الغاز الطبيعي مما ساعد في تقليل عجز الميزان التجاري المصري وتخفيف الضغوط الاقتصادية، كما أن تصدير الغاز إلى الخارج يعزز من مصادر الدخل القومي مما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني.
تحفيز النمو الاقتصادي وزيادة فرص العمل
تسهم استثمارات حقل “ظهر” في خلق آلاف الوظائف الجديدة في مجالات مختلفة مثل الاستخراج والهندسة والصيانة والخدمات اللوجستية، فكل بئر يتم حفره يتطلب فرق عمل كبيرة ومتخصصة في التعامل مع المياه العميقة واستخراج الغاز مما يعزز من تكامل قطاع الطاقة مع باقي قطاعات الاقتصاد المصري، هذا التحفيز لفرص العمل لم يقتصر على الفنيين والمهندسين فقط بل امتد إلى قطاع الخدمات المساندة والتوريد الذي يساهم في دعم اقتصاد الدولة.
التحديات التي واجهها حقل “ظهر”
على الرغم من الآمال الكبيرة التي رافقت اكتشاف “ظهر” إلا أن مصر واجهت العديد من التحديات في الطريق نحو استغلال هذا المورد الضخم، كان من أبرز هذه التحديات البنية التحتية التي لم تكن مجهزة لاستقبال هذا الحجم من الاكتشافات الغازية مما تطلب استثمارات ضخمة لتحديث وتوسيع شبكة خطوط الأنابيب والمرافق المرافقة، كما كان من الصعب في البداية جذب الاستثمارات بسبب الأزمات الاقتصادية التي مرت بها البلاد في تلك الفترة إلا أن التعاون بين الشركات العالمية الكبرى مثل “إيني” “بي بي” و”روس نفت” ساعد في التغلب على هذه الصعوبات وبدأت مراحل الإنتاج تسير بوتيرة أسرع بعد التغلب على تلك العوائق.
التقنيات المتطورة في استخراج الغاز
من العوامل الرئيسية التي ساهمت في نجاح حقل “ظهر” هي التقنيات الحديثة التي تم استخدامها في حفر الآبار واستخراج الغاز من المياه العميقة في البحر المتوسط، في بداية المشروع استخدمت شركات الطاقة العالمية تقنيات متطورة لضمان استخراج الغاز بكفاءة عالية من أعماق البحر، هذه التقنيات تشمل الحفر باستخدام آلات متخصصة في المياه العميقة واستخدام أنابيب حديثة لضمان نقل الغاز بأمان وفاعلية، وفي المستقبل من المتوقع أن تستمر مصر في استخدام تقنيات مبتكرة لزيادة القدرة الإنتاجية للحقل.