في أعماق الأرض، حيث يلتقي الغموض بالواقع، تختبئ مدينة قديمة تعد من أبرز عجائب الزمن الماضي، هذه المدينة، التي يقال إنها كانت شاهدة على حضارات قديمة، لا تزال تحتفظ بأسرارها حتى اليوم، مدينة مطماطة، الواقعة في تونس، تقدم مزيج غريب من التاريخ والفن المعماري الفريد الذي يعكس قدرة الإنسان على التكيف مع بيئته نقدمها لكم عبر موقعنا الزهراء.
مدينة غامضة تحت الأرض هل هي خرافة أم حقيقة
هل فكرت يوم في مدينة كاملة تحت الأرض، حيث يعيش الناس في كهوف محفورة في الصخور؟ إذا كنت ترغب في معرفة المزيد عن هذه المدينة الغامضة، تعال معنا في هذه الرحلة الاستكشافية.
أين تقع تلك المدينة؟
مدينة مطماطة، التي تقع في الجنوب الشرقي لتونس، هي إحدى المدن الصغيرة التابعة إداريا إلى ولاية قابس، تعتبر مطماطة وجهة سياحية فريدة بفضل تصميمها المعماري الغريب والمبني تحت الأرض، يتكون تصميم المدينة من منازل محفورة في باطن الأرض، حيث يتم حفر حفرة كبيرة أولا، ثم نحت الكهوف حولها لتصبح غرف سكنية، بعض البيوت تتكون من عدة غرف مترابطة بممرات طويلة، تعرف محليا بـ”السقيفة”، تمتاز هذه المدينة بمناخ معتدل بفضل موقعها داخل سلسلة جبل مطماطة، حيث توفر بيوت مطماطة البرودة في الصيف والدفء في الشتاء، مما يجعلها مكان مثالي للعيش طوال العام.
أصل تسمية “مطماطة”
تاريخ تسمية المدينة يعود إلى العصور القديمة، في البداية، كانت المدينة تعرف باسم “أثوب”، وهي كلمة أمازيغية تعني “أرض السعادة”، حسب الأساطير المحلية، فقد كانت المدينة مأوى لقبيلة أمازيغية قديمة لم تتمكن من مواجهة غزوات القبائل المجاورة، فاختارت الهروب إلى هذا المكان المنعزل، هناك، بدأوا بحفر منازلهم في باطن الأرض لحماية أنفسهم والحفاظ على حياتهم التقليدية بعيد عن أعين الغرباء، ومنذ ذلك الحين، ارتبط اسم “مطماطة” بهذه الأسطورة التي تجمع بين الصمود والعزلة.
تاريخ مدينة مطماطة أسطورة أم حقيقة؟
رغم صعوبة تحديد تاريخ دقيق لظهور مدينة مطماطة، إلا أن هناك العديد من القصص الشعبية التي تشير إلى أنها كانت مكان معزول منذ قرون، كانت المدينة في الماضي ملجأ للفلاحين الذين كانوا يعملون في جني الزيتون خلال الربيع ثم يعودون إلى بيوتهم المنحوتة في الجبال في فصل الخريف، ورغم أن بعض السكان اختاروا الانتقال إلى مناطق حديثة بعد الاستقلال التونسي عام 1956، إلا أن كثيرين فضلوا البقاء في هذه المدينة القديمة، التي ظل سكانها يعيشون فيها حتى يومنا هذا.
التصميم المعماري الفريد حياة تحت الأرض
من أبرز مميزات مدينة مطماطة هو تصميمها المعماري الذي يعكس كيفية تكيّف الإنسان مع البيئة المحيطة، يتم بناء كل منزل بطريقة فريدة حيث يتضمن ساحة خارجية يتفرع منها عدة غرف محفورة في الأرض، الغرف متصلة ببعضها عبر ممرات صخرية تتخللها أنفاق وسلالم، أما الجدران الداخلية للغرف، فقد تم دهنها باللون الأبيض مما يضيف لمسة جمالية على البيئة الطبيعية القاسية، اليوم، يتم تحويل بعض هذه المنازل إلى فنادق ونزل سياحية، مما يسمح للزوار بتجربة الحياة في هذه البيوت الفريدة.
مدينة مطماطة في العصر الحديث جذب السياح وموقع تصوير “حرب النجوم”
مطماطة لم تعد مجرد مدينة صغيرة تحت الأرض، بل أصبحت الآن نقطة جذب سياحية شهيرة في تونس، في السبعينات، تم استخدام المدينة كموقع تصوير لفيلم “حرب النجوم” الشهير من إخراج جورج لوكاس، مما ساعد على تعريف العالم بهذه المدينة الاستثنائية، اليوم، المدينة تستقبل السياح من جميع أنحاء العالم، الذين يأتون للاستمتاع بتجربة الحياة في البيوت المنحوتة في الصخور، والتعرف على تاريخ المدينة العريق، وفي الوقت نفسه، تم إنشاء مطار قرب مطماطة الجديدة لتسهيل الوصول إلى المدينة، مما يعزز من مكانتها كوجهة سياحية رئيسية.
مدينة مطماطة حكاية من الأرض إلى السماء
مدينة مطماطة تظل واحدة من أعظم الألغاز المعمارية والتاريخية في العالم، بين أسرارها المنحوتة في الصخور وتاريخها الغني، تعد مطماطة تجربة فريدة لا تنسى، سواء كنت مهتم بالتاريخ أو بالفن المعماري أو مجرد استكشاف الأماكن الغامضة، فإن مطماطة تقدم لك كل ما تحتاجه في مكان واحد، إنها مدينة لا تشبه أي مدينة أخرى، وبقيت صامدة أمام الزمن، مما يجعلها شهادة على قدرة الإنسان في مواجهة التحديات.