بعد سنوات من الحيرة والبحث، استطاع العلماء أخيرًا حل لغز كيفية وضع مومياء مصرية شهيرة داخل تابوت مغلق تمامًا، وذلك بفضل استخدام أحدث تقنيات المسح بالأشعة السينية فقد أتاح هذا الابتكار العلمي للباحثين الفرصة لفحص تابوت “شينيت-آ” وفهم طريقة تحنيطها قبل حوالي 3000 عام، بحسب ما ذكرته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية.
فجوة صغيرة تثير الحيرة
لطالما شكل تابوت “شينيت-آ” مصدرًا للإرباك بين العلماء، إذ لم يكن هنالك أي فتحة مرئية أو نقطة دخول لتمكين المحنطين من وضع الجسد داخل التابوت وظل الباحثون لسنوات يحاولون العثور على أي شق أو فتحة يمكن من خلالها الوصول إلى الرفات، لكن ما وجدوه فقط هو فجوة صغيرة قرب قدمي المومياء، وهي فجوة لم تكن كبيرة بما يكفي لتناسب جسدها بالكامل.
تقنيات متطورة تكشف التفاصيل
لكن باستخدام تقنيات المسح المقطعي المحوسب الحديثة، تمكن العلماء من الحصول على رؤى غير مسبوقة للتابوت والمومياء ووفقًا لما قاله جيه بي براون، كبير أمناء الأنثروبولوجيا، فقد سمحت هذه التقنية بفحص الجانب السفلي للتابوت بشكل دقيق، حيث اكتشفوا “وجود خط خياطة يمتد على طول الظهر وبعض الأربطة”، مما قدم لهم معلومات هامة حول طريقة تكوين التابوت.
طريقة بناء التابوت غير التقليدية
كشف المسح ثلاثي الأبعاد مفاجأة أخرى، وهي أن التابوت لم يُصنع بالطريقة التقليدية التي كانت تعتمد على بناء الكرتون حول الجسد بل على العكس، تم تصنيع التابوت أولاً، ثم تم تليينه باستخدام الرطوبة ليصبح مرنًا بما يكفي ليتم تشكيله حول جسد “شينيت-آ” وقد أظهرت المسوحات أن المحنطين قاموا بملء القصبة الهوائية للمومياء بحشوة لتثبيت جسدها ومنع انهياره أثناء وضعه في التابوت.
تقنيات تحنيط مبتكرة
وبخلاف المومياوات الأخرى التي كان يتم فيها وضع الأعضاء الداخلية في جرار منفصلة، اتخذ المحنطون نهجًا مختلفًا مع “شينيت-آ” فقد قاموا بتصنيع عبوات خاصة لوضع الأعضاء داخل تجويف جسد المومياء، بالإضافة إلى إدخال ستة تماثيل شمعية صغيرة تمثل أبناء حورس الأربعة، الذين كانوا يرمزون إلى الآلهة التي تحمي الأعضاء الداخلية للموتى.
أبناء حورس الأربعة
تم تحديد هوية التماثيل الشمعية، إذ كان كل تمثال يمثل إلهًا حاميًا لعضو داخلي وكان “إمستي” إلهًا برأس إنسان يحمي الكبد، بينما كان “حابي” برأس قرد ويحمي الرئتين أما “دواموتف”، الذي كان له رأس ابن آوى، فقد كان مسؤولًا عن حماية المعدة، في حين كان “قبه سنويف” برأس صقر ويختص بحماية الأمعاء.
مومياء شينيت-آ: تحنيط استثنائي
تعتبر هذه الاكتشافات دليلاً على براعة المحنطين المصريين القدماء في تطوير تقنيات تحنيط متقنة، استهدفت الحفاظ على الجسد والأعضاء بطريقة فريدة وقد ساعدت عمليات المسح الحديثة في إزالة بعض من الغموض الذي كان يحيط بكيفية تحنيط هذه المومياء الشهيرة، وأتاحت للباحثين فهماً أعمق لطقوس التحنيط في مصر القديمة.
هذا الكشف الجديد يعد خطوة كبيرة في دراسة الآثار المصرية القديمة، ويمنحنا مزيدًا من الفهم حول طرق التحنيط والتوابيت، بالإضافة إلى الأبعاد الدينية والروحانية التي كانت تحكم تلك الممارسات.