أثارت المملكة العربية السعودية ضجة واسعة في الأوساط العربية والعالمية بعد إعلان وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية عن خطط جديدة لتوطين المزيد من الوظائف في السوق السعودي، وذلك ضمن رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على العمالة الأجنبية وتعزيز التوظيف للمواطنين السعوديين. هذه الخطوة التي تشمل العديد من القطاعات الحيوية، سيكون لها تأثير بالغ على العمالة الوافدة، خاصة المغتربين المصريين الذين يشكلون جزءًا كبيرًا من القوى العاملة في المملكة. حيث تشير الأنباء إلى أن أكثر من 20 ألف مغترب مصري قد يضطرون إلى مغادرة أراضي المملكة في إطار تنفيذ هذه القرارات الجديدة.
استراتيجيات التوطين وأهدافها
تسعى المملكة العربية السعودية من خلال تنفيذ سياسات التوطين إلى تعزيز العدالة الاجتماعية وزيادة فرص العمل للمواطنين السعوديين في القطاعين العام والخاص. تتضمن خطة التوطين لهذا العام 2024 استبدال العمالة الأجنبية في العديد من القطاعات الحيوية مثل إدارة المشاريع، المشتريات والعقود، والمبيعات والتسويق، التي تعتمد بشكل كبير على العمالة الوافدة. الهدف من هذه السياسات هو توفير فرص عمل جديدة للمواطنين السعوديين، بالإضافة إلى تحسين المهارات والقدرات المحلية في مختلف المجالات الاقتصادية.
إحدى الأهداف الأساسية لهذا التوجه هو الحد من البطالة في المملكة وتعزيز الكفاءات الوطنية في سوق العمل. وقد تم بالفعل اتخاذ خطوات مشابهة في السنوات الماضية، ولكن في خطة 2024، تم توسيع نطاق القطاعات المستهدفة ليشمل المزيد من المجالات التي كانت تعتمد سابقًا على الأيدي العاملة الأجنبية، مثل قطاع المبيعات والتسويق، حيث سيتعين على الشركات المحلية توظيف السعوديين في هذه الوظائف بدلاً من العمالة الوافدة.
القطاعات المستهدفة بالتوطين وأثرها على العمالة المصرية
من أبرز القطاعات التي ستشهد توطينًا خلال الفترة القادمة هو قطاع إدارة المشاريع، الذي يشمل المهام الأساسية مثل التنسيق والتخطيط والتنفيذ. المملكة تستهدف أن تصل نسبة التوطين في هذا القطاع إلى 40% بحلول العام المقبل، مما يعني أن العديد من العمالة الأجنبية قد يتعين عليهم مغادرة المملكة إذا لم يتمكنوا من ملء الوظائف التي سيتم شغلها بالسعوديين. إلى جانب ذلك، سيشهد قطاع المشتريات والعقود تغيرًا ملحوظًا، حيث سيتعين توظيف السعوديين في وظائف مدير العقود ومندوب المشتريات، وهي وظائف كانت تشغلها غالبًا العمالة الوافدة.
تستهدف المملكة أيضًا قطاع المبيعات والتسويق الذي يعتمد بشكل كبير على العمالة الأجنبية. من المتوقع أن يشهد هذا القطاع تقليصًا كبيرًا للعمالة الوافدة، حيث سيتم توظيف السعوديين في وظائف مثل أخصائي التسويق ومندوب المبيعات. هذه التحركات ستؤدي إلى زيادة الضغط على العمالة الأجنبية، مما يضع العديد من المغتربين المصريين في موقف صعب.
تأثير القرارات على المغتربين والمستقبل في السعودية
القرار السعودي بتوطين المزيد من الوظائف لا يقتصر على التأثير في العمالة المصرية فحسب، بل سيشمل جميع الجنسيات الأخرى التي تشغل وظائف في القطاعات المستهدفة. التوقعات تشير إلى أن أكثر من 20 ألف مغترب مصري، الذين يشغلون وظائف في مجالات التوظيف المستهدفة، قد يضطرون إلى مغادرة المملكة في حال عدم التمكن من العثور على فرص عمل أخرى تتوافق مع التوجه الجديد.
تداعيات هذا القرار على العمالة المصرية قد تكون كبيرة، خاصة في ظل وجود عدد ضخم من المغتربين في السعودية. فبجانب التأثير الاقتصادي على هؤلاء المغتربين، هناك أيضًا تحديات اجتماعية وقانونية قد تواجههم، خصوصًا إذا تم تنفيذ هذه القرارات بسرعة ودون إعطاء فترات كافية للتكيف مع المتغيرات. بالمقابل، من الممكن أن يفتح هذا التحول في سوق العمل السعودي أبوابًا جديدة للعمالة المصرية في قطاعات أخرى قد لا تتأثر بسياسات التوطين، ولكن بشكل عام فإن هذا التغيير سيضع ضغطًا كبيرًا على القوى العاملة الوافدة.