هل كنت تعلم أن فترات الاسترخاء القصيرة يمكن أن تكون المفتاح لتحسين ذاكرتك وتعزيز قدرتك على التعلم؟ أظهرت أبحاث جديدة أن الامتناع عن التفكير أو الانشغال بأي نشاط ذهني بعد اكتساب مهارة أو معلومات جديدة يمكن أن يساعد الدماغ في تثبيت هذه المعلومات بشكل أفضل نقدمها لكم عبر موقعنا الزهراء.
هل تعاني من النسيان السريع
قد تبدو هذه الفترات من الراحة فرصة للاستجمام، ولكنها في الواقع تلعب دور حاسم في تحسين الذاكرة على المدى الطويل.
الراحة العقلية كيف تؤثر على قدرتنا على تذكر المعلومات؟
من المعروف أن عملية الذاكرة تنطوي على ترميز المعلومات وتحويلها إلى رموز قابلة للتخزين في الدماغ، ولكن، هل تعلم أن هذه المعلومات الجديدة تكون أكثر عرضة للفقدان بعد اكتسابها مباشرة؟ ذلك لأن الدماغ يحتاج إلى فترة من الاسترخاء لإتمام عملية تثبيت هذه الذكريات، عندما نمنح أنفسنا فترات راحة قصيرة بعد اكتساب المهارات أو المعلومات، فإن الدماغ يملك الفرصة لتنظيم وتخزين هذه البيانات بشكل أفضل، بعيد عن المشتتات.
أهمية الراحة القصيرة بعد التعلم دراسة شهيرة تكشف التفاصيل
في عام 1900، أجرى عالما النفس الألماني جورج إلياس مولر وتلميذه ألفونس بيلزكر دراسة شهيرة على تأثير فترات الراحة على الذاكرة، طلبا من المشاركين حفظ قائمة من مقاطع كلمات بلا معنى، ثم قاما بتقسيمهم إلى مجموعتين: الأولى بدأت بحفظ قائمة ثانية على الفور، بينما أُعطيت الثانية فترة راحة قصيرة لمدة ست دقائق، كانت النتيجة مدهشة، إذ تذكر المشاركون الذين حصلوا على فترة راحة 50% من المعلومات، بينما لم يتذكر المشاركون في المجموعة الأخرى إلا 28% فقط، هذا الاكتشاف قدم الأساس لفهم كيف تساعد فترات الراحة في تحسين عملية تثبيت الذكريات.
كيف يؤثر الاسترخاء على الأشخاص الذين يعانون من فقدان الذاكرة؟
فترات الاسترخاء القصيرة لا تفيد فقط الأشخاص الأصحاء؛ بل أظهرت الأبحاث أن الأشخاص الذين يعانون من مشكلات في الذاكرة مثل مرضى السكتات الدماغية أو الخرف يمكنهم أيضا الاستفادة بشكل كبير، في دراسة أخرى، أظهرت فترات الراحة القدرة على تحسين تذكر الكلمات بنسبة تصل إلى ثلاثة أضعاف، مقارنة بالمشاركين الذين لم يحصلوا على قسط من الراحة، حتى مرضى ألزهايمر في مراحله المبكرة أظهروا تحسن في قدرتهم على تذكر المعلومات بعد فترات استرخاء قصيرة.
فترات الاسترخاء والقدرة على تذكر التفاصيل المكانية
الراحة القصيرة تؤثر بشكل كبير على الذاكرة المكانية أيضا، في إحدى الدراسات التي أجريت في جامعة هيريوت وات بإدنبرة، لاحظ الباحثون أن فترات الراحة القصيرة ساعدت المشاركين في تذكر مواقع المعالم المختلفة في بيئة الواقع الافتراضي، وهذا يبرز كيف يمكن للراحة أن تساعدنا ليس فقط في تذكر المعلومات النظرية ولكن أيضا في تعزيز قدرتنا على استرجاع الذكريات المتعلقة بالمكان.
فوائد الاسترخاء للأشخاص المصابين بالسكتة الدماغية والخرف
تعزز فترات الاسترخاء القدرة على استرجاع الذكريات لدى الأشخاص الذين تعرضوا لإصابات دماغية أو مصابين بالخرف، كما أكدت الدراسات أن هذا التحسن في القدرة على التذكر يمكن أن يستمر حتى بعد أسبوع من تعلم المهارات الجديدة، وأظهرت الدراسات أيضا أن الراحة تساعد في تخفيف التداخل بين المعلومات الجديدة والمعلومات القديمة، مما يساهم في تقوية الذاكرة.
هل هناك حدود لفوائد فترات الراحة؟
بالرغم من الفوائد الكبيرة التي تقدمها فترات الراحة القصيرة، إلا أن هناك بعض النقاط التي يجب أخذها في الاعتبار، على سبيل المثال، لا ينصح بالاستغراق التام في أحلام اليقظة خلال فترات الراحة، لأن ذلك قد يضعف القدرة على استرجاع المعلومات المكتسبة حديثا، في إحدى الدراسات، تبين أن الأشخاص الذين تخيلوا أحداث من الماضي أو المستقبل أثناء فترة الراحة لم يظهروا تحسين في قدرتهم على تذكر المعلومات.
كيف يمكن تطبيق هذه النتائج لتحسين الذاكرة؟
تدعم هذه الأبحاث فكرة بسيطة أخذ فترات راحة منتظمة يمكن أن يكون له تأثير كبير في تحسين الذاكرة، ينصح الباحثون بتخصيص فترات استرخاء قصيرة بين فترات التعلم المكثف، وتجنب أي نشاط ذهني معقد أو مشتت أثناء تلك الفترات، كما ينصح الأشخاص المصابون بالأمراض العصبية مثل السكتة الدماغية أو الخرف باتباع هذه الممارسة بشكل خاص لتعزيز قدرتهم على التذكر.
نحو استراحة عقلية لتعزيز الأداء الذهني
إن فكرة أن الاسترخاء يمكن أن يحسن الذاكرة ويعزز قدرتنا على التذكر ليست مجرد نظريات علمية، بل هي اكتشافات تؤثر بشكل مباشر على حياتنا اليومية، سواء كنت طالب تحاول حفظ معلومات لمراجعتها أو شخص يعاني من مشاكل في الذاكرة، فإن تخصيص فترات استراحة ذهنية قصيرة يمكن أن يكون له تأثير كبير في تحسين قدرتك على استرجاع المعلومات وتثبيتها في الذاكرة طويلة المدى، لذا، في المرة القادمة التي تشعر فيها بالحاجة إلى استراحة أثناء التعلم، تذكر أن هذه اللحظات قد تكون أكثر أهمية مما تعتقد.