حطمت قطعة أثرية مصرية تاريخية رقماً قياسياً في مزاد علني بلندن، حيث تم بيعها بمبلغ ضخم وصل إلى 6.5 مليون دولار، لتصبح بذلك أغلى مصباح في العالم ورغم الأصداء الواسعة لهذا البيع، لم تكشف دار “بونامز” للمزادات عن هوية المشتري.
القطعة التي أثارت اهتمام العالم هي مشكاة زجاجية نادرة تعود إلى العصور الإسلامية، وكانت جزءاً من مدرسة السلطان سيف الدين صرغتمش في القاهرة.
تاريخ القطعة الأثرية
يُعتقد أن المصباح كان جزءاً من مقتنيات مدرسة السلطان صرغتمش، ثم انتقل بين أيدي هواة التحف على مر السنين أول ظهور للمشكاة كان في القرن التاسع عشر، عندما كانت ضمن مجموعة التحف الخاصة بالجامع الفرنسي شارل هنري أوجوست شيفير، الذي كان مقرباً من البلاط العثماني ويشغل منصب مترجم معتمد لدى السلطان العثماني شيفير جلب المصباح إلى باريس، حيث عرض في ثلاثة متاحف شهيرة، أبرزها متحف اللوفر، كما تم تصويره في العديد من الكتب الفنية خلال تلك الحقبة.
لاحقاً، انتقلت المشكاة إلى حيازة عائلة نوبار، حيث استخدمها بوغوص نوبار، نجل أول رئيس وزراء مصري، كزهرية للورد الجاف وبقيت القطعة في حيازة العائلة نحو مئة عام، إلى أن باعها ورثة أركيل نوبار في مزاد علني.
مواصفات المشكاة
المشكاة تتميز بشكلها المستدير الذي يحيط به ستة مقابض، وتزينها ألوان الميناء الفاتحة مثل الأخضر والأزرق والأبيض كما تحتوي على نقوش نباتية وخراطيش ونصوص دائرية، من بينها الآية القرآنية “الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح”.
قضية قانونية حول بيع الآثار
من جهته، أكد الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، أن عرض هذه القطعة في المزاد يثير تساؤلات قانونية، مشيراً إلى أن كل ما يعرض في المزادات العلنية يجب أن يتم بموافقة الجهات المختصة، وهو ما لم يحدث في حالة هذه المشكاة.
وأضاف ريحان أن مصر لها الحق في المطالبة بتوثيق رسمي يثبت أن بيع القطعة تم بشكل قانوني، حيث كانت المعاملات القانونية المتعلقة بالآثار قبل عام 1983 تتيح تصدير وبيع القطع الأثرية، وهو ما حدث في حالة العديد من القطع مثل تمثال “سخم كا” الذي بيع في مزاد بلندن عام 2016.
وأشار ريحان إلى أن القانون المصري رقم 215 لسنة 1951، الذي كان ينظم تجارة الآثار، قد حظر الاتجار بها دون ترخيص رسمي من وزارة المعارف، وهو ما تم إلغاؤه في قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 وبموجب الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية اليونسكو لعام 1970، يمكن المطالبة بإعادة الآثار التي تم تهريبها بطرق غير شرعية.
وأكد ريحان أن مصر يجب أن تطالب بتوثيق رسمي يثبت أن هذه المشكاة قد خرجت من البلاد بطريقة قانونية قبل عام 1970، وهو ما لا يتوافر في هذه الحالة، مشيراً إلى ضرورة تعديل اتفاقية اليونسكو لضمان عودة الآثار التي خرجت بطرق غير مشروع.
يظل مصير هذه القطعة الأثرية غامضاً في ظل غياب الوثائق الرسمية التي تثبت شرعية تصديرها، وهو ما يثير الجدل حول بيع الآثار المصرية في المزادات الدولية، ويعكس تحديات كبيرة أمام استرداد التراث الثقافي الوطني.