تعتبر التونة من الأطعمة البحرية المفضلة لدى الكثيرين حول العالم، حيث تتمتع بشعبية كبيرة كونها غنية بالبروتينات والأحماض الدهنية أوميغا-3 المفيدة لصحة القلب والجهاز العصبي. وبفضل سهولة تحضيرها وطعمها اللذيذ، تُعد التونة خيارًا شائعًا في المأكولات اليومية. لكن في الآونة الأخيرة، ظهرت تحذيرات جديدة من الجهات الصحية حول وجود خطر كبير في بعض أنواع التونة المعلبة المنتشرة في الأسواق. هذا التحذير يتعلق بوجود معدن الزئبق السام في بعض العلب، مما يجعل تناول هذه التونة أمرًا محفوفًا بالمخاطر.
الزئبق في التونة: تأثيره الخفي على صحتك
الزئبق، ذلك المعدن السام الذي يظل خفيًا عن العديد من المستهلكين، يدخل إلى السلسلة الغذائية البحرية عبر التلوث البيئي. نتيجة الأنشطة الصناعية والتلوث الناتج عن الحرق العشوائي للمواد الكيميائية، يتراكم الزئبق في المياه البحرية. الأسماك مثل التونة، كونها من الحيوانات المفترسة التي تتغذى على الأسماك الأصغر، تكون عرضة لامتصاص الزئبق بتركيزات أكبر. ومن خلال دراسة أجراها باحثون من عدة دول أوروبية، تبين أن نسبة كبيرة من عينات التونة المعلبة تحتوي على مستويات من الزئبق تتجاوز الحد الآمن للاستهلاك، ما يجعل الأمر أكثر خطورة خاصةً مع الاستهلاك المتكرر لهذا المنتج.
المخاطر الصحية للزئبق: عندما يصبح التسمم خطرًا حقيقيًا
تراكم الزئبق في جسم الإنسان قد يؤدي إلى أضرار صحية خطيرة على المدى الطويل. من بين أبرز هذه التأثيرات الصحية، يُعد التأثير العصبي هو الأهم، حيث يمكن للزئبق أن يسبب اضطرابات في الذاكرة والتركيز، فضلاً عن ضعف التنسيق الحركي والمشاكل النفسية مثل القلق والاكتئاب. كما أن الزئبق له تأثير سلبي على الرئتين، مما قد يتسبب في صعوبة في التنفس ومشاكل في الجهاز التنفسي. والأكثر خطورة أن النساء الحوامل والأطفال يعتبرون من الفئات الأكثر تعرضًا للمخاطر الصحية بسبب الزئبق، حيث يمكن أن يؤدي إلى تأخر النمو العقلي للأطفال أو التأثير على تطور الدماغ والجهاز العصبي للجنين. علاوة على ذلك، تشير بعض الدراسات إلى أن الزئبق قد يزيد من احتمالية الإصابة بأنواع معينة من السرطان، مثل سرطان الرئة.
التدابير الوقائية والتحذيرات الصحية: كيف تتجنب المخاطر؟
في ظل هذه المخاطر الكبيرة، قدمت السلطات الصحية عدة توصيات لتقليل تعرض المستهلكين للزئبق في التونة المعلبة. أولاً، يجب أن تُراجع المعايير الصحية المتعلقة بمستويات الزئبق في الأطعمة البحرية لتحديد الحدود الآمنة للاستهلاك. ثانياً، يجب اتخاذ إجراءات صارمة لحظر بيع التونة المعلبة التي تحتوي على مستويات زئبق مرتفعة، لضمان حماية صحة المستهلكين. كما تبرز أهمية التوعية العامة حول هذا الموضوع، خاصة في ما يتعلق بالفئات الأكثر عرضة مثل النساء الحوامل والأطفال. بالإضافة إلى ذلك، يُنصح بتوسيع التنوع الغذائي والبحث عن بدائل آمنة للتونة مثل السلمون والأسماك البحرية الأخرى التي تحتوي على مستويات أقل من الزئبق.